كتاب جبهة الاصلاح اليافعية5
الاعراف والتقاليد والعادات القبلية
كتاب : جبهة الاصلاح اليافعية
تأليف : سالم عبد الله عبد ربه -
مندعي ديان
الطبعة الاولى : 1992م
الاعراف والتقاليد والعادات القبلية .. وأسباب الفتن
الاعراف والعادات والتقاليد القبلية وجدت عبر مراحل تاريخية مديدة الطول , حصلت
فيها وتراكمت خلالها تبدلات سلبية وايجابية تبعاً لنوعية التغيرات التاريخية ..
ولا يمكن تسويد أو تبييض صفحات الاعراف والعادات والتقاليد القبلية بحكم عشوائي
مسبق لأن كل عرف أو تقليد أو عادة منها ربما تحمل في آن واحد جوانباً سلبية
وجوانباً ايجابية .. وحسب اعتقادنا القائم على أن تطور الحياة والسير بالزمن إلى
الامام يحمل تقدماً , فإن جوانبها الايجابية قد عززت تواجدها وتزايدت في حين
تناقصت بإستمرار جوانبها السلبية , أي أنها وإن كانت متوارثة بقوة فقد خضعت عبر
سريانها لزمن طويل للفرز والغربلة في واقع حياة قبائل المنطقة المتجدد .. إلا أن
هذه النظرة العامة لا تعفينا من القول أن أخذنا للأعراف والتقاليد والعادات واحداً
واحداً سوف يبين لنا أن بعضها , وهو جيد , قد تم التخلي عنه بالرغم من التطور
العام .
والحال أن الاعراف والعادات والتقاليد التي يمكن لنا ان نسميها " قوانين
القبيلة " تتسم بالشمولية إذ لا تترك جانباً في الحياة القبلية إلا وتطرقه ..
ونستطيع التأكيد على الصفة القانونية لها كونها المرجع والحكم الفاصل في شؤون
القبيلة المختلفة ولأنها تحظى بالاجماع عليها من قبل كل أفراد القبيلة وكل القبائل
, ولم توجد حالات عامة لرفضها أو تعديلها في العهود القبلية الا فيما ندر في
التاريخ الماضي القريب .
ولسنا هنا بصدد دراسة هذه الظاهرة التاريخية الهامة لفهم النظام القبلي في اليمن ,
ولا نملك القدرة على تناول كل عرف وتقليد وعادة وجدت لانها كثيرة جداً وتتشعب لتمس
كل مناحي الحياة , وتتفرع بحيث يصف كل عرف أو تقليد أو عادة حالة ما بدقة وتفاصيل يطول شرحها .. لهذا ولكي نبقى
ضمن اطار موضوع كتابنا فسنعطي فقط نماذجاً عن أهم الاعراف والتقاليد والعادات
القبلية التي جاءت مرتبطة بواقع نشوب النزاعات والفتن القبلية ورؤية النظام القبلي
لكيفية حلها وأسس الاصلاح القبلي .. والنماذج الرئيسية المختارة هي :-
1 – الحماية والحماية المشتركة
أهم الاعراف القبلية ويقوم على اساس حماية القبيلة لكل عضو فيها عند تعرضه
للاعتداء والواجب الملزم لكل عضو في حماية القبيلة, ويتقيد العرف بالإلتزام
بالأعراف والعادات والتقاليد السائدة .. ويتم واجب الحماية بأولوية المستويات في
النظام القبلي يبدأ بولاء حماية العائلة فالبيت ( عدة عائلات ) فالعشيرة ( الفخيذة
) فالقبيلة فجزء المكتب فالمكتب كاملاً .
2 – الشرف القبلي
يقضي بأن يتمتع عضو القبيلة بالمحافظة على مكانته الرفيعة والافتخار بقبيلته وعدم
تقبل أي اهانة أو انتقاص في سمعته أو حقوقه . ويجب على القبيلي أن لا يسمح بمس
كرامته ومصالحه حتى بأدنى حد حتى وإن كلفه ذلك حياته أو دفعه لقتل غيره .. فإذا
شتم القبيلي بكلمة سيئة اعتبر ذلك عاراً عظيماً يحط من مكانته كثيراً لدى الآخرين
.. والشرف القبلي هو جوهر سيكولوجية القبيلة .
3 – الأخذ بالثأر
لا يجب تنازل القبيلة عن اخذها بثأرها الا في حالات نادرة كدفع الدية أو الصلح .
وثأر القبيلة لقتل أو ضرر لحق بها يظل معلقاً برقبتها لا ينمحي الا بـ "
المخلص " أي بقتل فرد مقابل قتيل لها لدى قبيلة أخرى أو شابهه .. ومن عادات
الأخذ بالثأر المتفرعة " النصرة " , وتستوجب عدم وضع شاهد " نصيرة
" على قبر القتيل من قبل قبيلته الا بعد أن تأخذ بثأره .. والأخذ بالثأر يشمل
أموراً أخرى غير القتل كالاصابة بجرح أو خراب الأرض , أي ابادة مزروعتها .. وغيره
.
4 – المسراح
وهو نوع من اشكال الغزو حين تقرر قبيلة الهجوم على قبيلة أخرى فيتجمع رجالها
ويذهبون جماعة واحدة حاشدة ( يسرحون ) لمقاتلة القبيلة الأخرى المعادية أو
تخريب مزروعات أرضها .
وكان قديماً يوجد شكل أعم للمسراح يسمى ( المخرج ) وهو مسراح لقبائل يافع بأسرها
يسمح لها بالمرور في اراضي كل يافع بغض النظر عما اذا كانت بينها فتنة وقتال .
5 – المخوه
عهد اخاء بين قبيلتين تتعهدان فيه بحسن العلاقة وايجاد صلات اخوية طيبة بينهما ,
وعدم ايذاء أي منهما للأخرى .. وتتعهد كل قبيلة للأخرى بالمشاركة في الدفاع عنها
إذا ما تعرضت للخطر .
وأساس المخوه المشاركة في خير الأمور وشرها والثقة المعنوية المستندة على شرف
التعهد العلني واشهاره للجميع . ويمكن للفرد أو الاسرة أن يؤاخي ( يعقد عهد اخوه )
مع قبيلة فإذا قبلت صار كواحد من افرادها .
6 – الفتنة
نزاع مسلح بين طرفين - مثلاً – بيتين أو عشيرتين أو
قبيلتين لسبب ما ناتج عن فعلة شخص أو جماعة سواء عراك جاء عن خلاف , أو نزاع عن
الأرض , أو مس بالشرف , أو غيرها من الأسباب المختلفة .
وللفتن اعرافها كعدم ايذاء النساء من قبل الطرفين , ووقف القتال خلال شهر رمضان
المبارك , ووقف اطلاق النار عند مقتل أحد افراد القبيلتين واثناء دفنه ,
وعدم التعرض للحيوانات الأليفة .. ومن الاعراف السيئة في الفتن محاصرة القبيلة
للقبيلة الأخرى بعدم السماح لها بزراعة الأرض بوسائل عدة بما يعني فرض الحرب
الاقتصادية عليها .
7 – الملم
موقع متعارف عليه بين القبائل كمكان للتجمع في حالات الضرورة والخطر , وتتم فيه
الدعوة إلى اللقاء عن طريق إطلاق أعيرة نارية في الهواء يحضر على صدى صوتها افراد
وشيوخ وعقال القبيلة أو القرية .
والملم يكون للقرية الواحدة أو قبيلة كاملة تقيم في عدة قرى أو " المكتب
" أو سديسه " سدسه " أو ربعه .. وتعتبر كثافة الطلقات النارية
المنطلقة من موقع الملم عن المدى الذي وصلت إليه أهمية وضرورة التجمع .
8 – الجاه
عرف شائع استعماله في كثير من نواحي الحياة القبلية , وهو عبارة عن طلب الجاه لدى
شخص معين بهدف تقبله لطلب ما مقدم إليه , كتعديل موقفه أو ترجيه لعمل شيء ما أو
طلب المساعدة عنده الخ.. وهو أساساً أستعمال شخص لمكانته واحترامه لدى الآخرين أو
لدى طرف في الخلاف أو المشكلة أو الفتنة معبراً عن رجائه برمي شيء ما من مغتنياته
الشخصية إلى الفرد أو الطرف الآخر . ويكون الشيء اما لحافه أو معوزه ( سباعية ) أو
شاله أو عمامته ( زينة رأسه ) أو خنجره ( جنبيته ) أو عصاه أو غيره .. وفي الحالات
الكبيرة المعقدة قد يعمد طالب الجاه لاحضار ولده كتعبير عن ذلك .
9 – العروة
من الاعراف غير المحببة لدى القبائل . وهي المجورة أو طلب الحماية لدى فرد أو
عائلة أو قبيلة من فرد أو عائلة أو قبيلة لا تنتمي إليها .. والعروة يتم اللجوء
إليها عادة بسبب ظلم وقع على طالبها أو هروبه تفادياً لشر يناله أو بسبب من خلاف هو
الطرف الاضعف فيه , ويعبر عن طلبه للعروة بإيداع مبلغ رمزي أو جنبيته أو سلاحه لدى
الجهة المتعروي عندها .
وتتولى القبيلة أو العائلة المتعروي لديها تحمل المسؤولية الكاملة عن طالب العروة
وحل مشكلته مع الطرف الآخر بتصرف كامل من قبلها , حيث لا يحق له التدخل في الحلول
الموضوعية لحل قضيته .
10 – الربيع
الربيع ( الرباعة – جمع ) هو انتقال شخص أو اسرة أو عائلة بقناعتها للعيش في منطقة
أخرى تخضع لقبيلة أخرى طلباً للرزق أو هرباً من مشاكل أو لاسباب أخرى . ويشمل هذا
الانتقال البقاء تحت مظلة القبيلة صاحبة المنطقة أو القرية المنتقل إليها ..
والربيع ليس العروة فالعروة حالة مؤقتة يتم انهاؤها عند وضع حل للمشكلة ام الربيع
فهو لجوء دائم وليس مؤقتاً ويتم بدوافع اقتصادية .
11 – التعذيل
الاعلان عن العار ( والعار هنا ما يخالف دين محمد رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ويتعارض مع الاعراف والتقاليد والعادات السائدة ) سواء كان قتلاً أو مساً
بالشرف أو عملاً مشيناً أو قهراً قام به طرف ضد طرف آخر .
والتعذيل عملياً هو إرسال امرأة من الجهة التي لحق بها العار إلى ملم
القرية أو القبيلة ( مكان تجمعها عند الضرورة ) حيث تقوم هناك بالصراخ والبكاء
وتقطع ضفيرة أو عدة ضفائر من شعرها أو تشد ثوبها وشعره متألمة امام القوم معلنة عن
العار الذي وقع داعية إلى ازالته .
12 – المجبى
الجباية هي قيام بعض أفراد شواذ من قبيلة ما بفرض مبلغ معين كضريبة على مرور
الحمير أو الجمال في اراضي قبيلتهم والتي تخص افراداً من قبيلة أخرى معينة أو جميع
القبائل بدافع الابتزاز أو إثارة فتنة قبلية .
وتعتبر الجباية ظاهرة نكرة لدى عموم القبائل وعندما يمر أفراد القبيلة التي تقوم
بالجباية في اراضي القبائل الأخرى يمارس معهم عرف يسمى ( الزقر ) وهو جباية كرد
فعل على ما قام به هؤلاء وليس بهدف الحصول على الجباية .
13 – الخراب
هو شكل من اشكال الفتن القبلية فإذا لم تستجب قبيلة بتلبية طلبات أخرى على نزاع
معها , فمن الوسائل التي قد تلجأ إليها للضغط ارسال رجالها . للقيام بإبادة
المزروعات في اراضي القبيلة المتنازع معها وإقتلاع الأشجار المزروعة مهما كانت
مرحلة نموها . ويركز عادة في الخراب على المزروعات ذات المردود الاقتصادي الهام ..
وهناك انواع أخرى منها الخراب حيث يتم احياناً قتل الماشية أو الابقار أو إلحاق
ضرر بالمنازل أو حرق أبوابها الخشبية .
14 – العقيرة والنزيلة
العقيرة هي الابقار والاغنام التي تجلبها قبيلة بصحبتها على قبيلة أخرى على خلاف
معها لتذبح بمناسبة قدوم أفراد وفدها طلباً للصلح في ثأر عندهم أو طلباً لهدنة تتم
بين الطرفين المتحاربين وما شابهها من حالات .
والنزيلة عادة تتبع في طلب انهاء فتنة أو دفع دية ( فدية ) قتيل . وتتم بشكل احضار
امرأة بكر أو مزوجة للمرة الثانية بصحبة العقيرة المذكورة آنفاً ويتم ذلك من قبل
طرف القاتل للتأكيد عن تنازله لصاحب الحق والخسارة . وهي عادة متعلقة باظهار تدني
الكرامة طلباً للصلح واظهار رفعة
مكانة الطرف الآخر لدفعه للتنازل وقبول الطلب .
15 – المخلص
ذكرنا في الأخذ بالثأر لانه جزء منه ولاهميته نوضحه أكثر ..هو ما تبتغيه قبيلة من
قبيلة أخرى كقتيل مقابل قتيلها او مصاب مقابل مصابها , والمخلص المحرك الاساسي
لمعظم الفتن القبلية وأكبرها , والتمسك به يكون سبباً في استمرار الحروب القبلية
مدداً طويلة وحدوث خسائر متواصلة .
وساد في فترات زمنية قديمة مبدأ " العين بالعين والسن بالسن " في نيل
المخلص وكالعادة قتيل مقابل قتيل ومصاب مقابل مصاب الا انه في فترات أخرى ونتيجة
للميل إلى قتل خيرة رجال القبائل وارفعهم مكانة , تم التخلي عن هذا المبدأ وصار
لثقل القتيل ومكانته في القبيلة دور فإذا نالت القبيلة ( المخلص ) بقتل احد افراد
القبيلة الأخرى ووجدت انه أقل شأناً وادنى مكانة من الشخص الذي فقدته فانها لا
ترضى بالقتيل كـ ( مخلص ) وتبحث من جديد عن قتيل آخر " ثان " يساوي
فقيدها قيمة ومكانة شخصية .. وهذا ما ادى إلى تفاقم الحروب القبلية نتيجة للخروج
عن مبدأ مساواة عدد القتلى القديم العهد إلى مساواة نوعية القتلى ايضاً .
والمعروف ان القبيلة التي قتل احد افرادها تبدأ بمحاولة تعقب القاتل وقتله إذا كان
يساوي المقتول مكانة وشأناً وإذا لم تستطع تقتل أي فرد من القبيلة الأخرى بـ ( نفس
المستوى ) .. والمشكلة الكبرى أن القتل يتم عشوائياً اثناء الاشتباكات المسلحة بين
اعداد كبيرة من رجال القبيلتين المتنازعتين .. والحالات متنوعة وكثيرة .
16 – الدية
دفع تعويض مادي مقابل تنازل الطرف الآخر عن حقه في الأخذ بثأره لقتيل له , ويتحدد
مقدار ونوعية الدية حسب العرف السائد ( الاخذ بالشار ) أي اخذ شور والدي القتيل
والاعتماد على رضاهما عن الحل المقترح .. ولتقديم الدية عادات وتقاليد خاصة بها
كالعقيرة والنزيلة اللتين ذكرناهما .
ومن العادات السيئة في طلب الدية لجوء اهل القتيل في معظم الاحيان إلى تحديد الارض
الزراعية كشكل للدية , ليس حباً في المردود الاقتصادي ولكن تعمداً في الانتقام
النفسي من القاتل واهله لأن الارض الزراعية شحيحة جداً في المنطقة واخذها كدية لا
يقل الماً لدى صاحبها ( دافع الدية ) عن مقتل احد ابنائه .
17 – الاستنكار والاستنكاف
الاستنكار عرف يعبر عنه بإعلان الموقف جهاراً , الموقف المعبر عن استنكار فعلة ما
تتنافى مع الدين والاعراف ومرفوضة من قبل الجميع . ويعبر عنه ايضا ببعث وسائل
مكتوبة إلى صاحب الفعلة .. وهو اشهار الاحتجاج على عمل ما بهدف فضحه وتحريض الناس
على رفضه واستنكاره , والحالات التي تستدعي الاستنكار في الحياة القبلية كثيرة
كإلحاق اذى برجل ضعيف طيب مسالم , أو كأن يقوم فرد أو قبيلة باستعمال القنابل أو
المتفجرات في حربها مع قبيلة أخرى لان استعمال هذه الوسائل الحربية من الامور التي
يوجب العرف استنكارها .
اما الاستنكاف فهو مرحلة أعلى فهو اثارة الحماس ( الحمية ) لدى الناس عندما يقدم
شخص أو مجموعة على جريمة شنعاء ( عار ) تستدعي عقابه من الكل , كأن يرتكب رجل
وأمرأة جريمة الزنا فعندما تستنكف كل من قبيلتي الفاعلين وجميع الناس الفعله
ويقومون بقتلهما .. والحالات التي تستدعي الاستنكاف كثيرة .. وعندما يتم الاستنكاف
ضد شخص ما ارتكب جريمة يحرق منزله وتحرق املاكه ويسمى ذلك اليوم بـ ( اليوم الابيض
) .
18 – القبل
لقاء مباشر , وجهاً لوجه , بين بيتين أو قبيلتين أو مكتبين .. جهتين بينهما حرب أو
فتنة , يهدف إلى التشاور بينهما وتبادل وجهات النظر بشأن حل المشكلة المتنازع
عليها . ويمكن أن يكون القبل في مكان محايد يحدده الوسيط بينهما ويمكن ان يكون
قرية تتبع احدهما .
ويبدأ القبل بـ ( الدفيرة ) وهي اطلاق نيران رصاص البنادق في الهواء دفعة واحدة
كعادة تشير إلى التحية والترحيب .. وللقبل عادات وتقاليد متبعة .
19 – رد الوجه والوفاء
حين يرتكب احد افراد القبيلة خطاء ً أو تصرفاً أو شتماً مشيناً لابد أن تقوم
القبيلة برد وجه إلى من ارتكب الخطأ أو الفعل السيء أو الشتم بحقهم تفادياً لتفاقم
المشكلة .. فتجيء إلى القبيلة المراد ( رد الوجه ) لها معتذرة ومعها عقائرها (
ذبائحها ) كتعبير عن رد شرف لمن مس الفعل المشين حدودهم وشرفهم .. وفي الحالات
الحادة يشترط لرد الوجه العمل بقاعدة : " رد المثيلة بمثلها " .
والوفاء كرد الوجه تعبير عن الاعتذار لما بدر من خطأ أو التعويض عن ما ارتكب من
فعل سبب خسارة .. وهو يتصل بالاخطأ والافعال التي تسبب خسائر معنوية ومادية يمكن
تعويضها ويسمى نوع ومقدار التعويض الذي تتحمله القبيلة بـ ( المغرم ) أي الغرامة .
20 – الوساطة
معروفة , وهي توسط طرف لحل نزاع أو خلاف بين جهتين لم تتمكنا من التفاهم المباشر
وللوساطة في العرف القبلي عادات وتقاليد أصيلة منها ان تتكون مجموعة الوساطة من
عدد لا يزيد عن الستة يقومون بالوساطة بين القبيلتين المتنازعتين كعمل خير دون
مقابل .. وهذا الشكل الاولى يليه شكل ( وساطة المجلس ) ويكون عدد مجموعة الوساطة
هنا بلا تحديد , وتقوم كل جهة من الجهتين المتنازعتين بأختيار الافراد الذين تثق
بهم لتمثيلها في المجلس على اساس تقاسم الجهتين لمجموع اعضاء مجلس الوساطة
بالتساوي .
ويتنقل مجلس الوساطة بين بيوت الطرفين المتنازعين ويمكث عندهم بقوامة الكامل مهما
كانت التكاليف التي تكلفها الذبائح والموائد الالزامية طوال اليوم وخلال الايام
التي قد تطول للمكوث لدى كل طرف وبالتساوي .. ولا يكفي هذا بل يتفق مقدماً على اجر
محدد يتقاضاه كل عضو في المجلس الوساطة مقابل كل يوم من الايام التي يستمر فيها
عمل المجلس متنقلاً بين ديار الطرفين .. ويتسع شكل الوساطة هذا ( المجلس ) لحل
الفتن القبلية الكبيرة والمستعصية لان التكاليف الباهظة التي يتحملها الطرفان
المتنازعان نوع من الضغط المادي على كلا الطرفين ربما يقرب من مواقفها ووجهات
نظرهما عن الحل وستدفع خسائرهما المادية إلى الاستعجال في البحث عن مخرج وقبول
الحلول الممكنة المطروحة من قبل ( مجلس الوساطة ) .
تلك أهم الاعراف والعادات والتقاليد القبلية المتعلقة بين القبائل وهي جزء هام من
ما يمكن تسميته بـ " قوانين القبيلة " وقصدنا من توضيحها للقارئ ادراك
حالات نشوب الفتن وأسبابها , والاصلاح كجزء وجد في صلب النظام القبلي ومعرفة ذلك
الدمار الذي احدثته الحروب القبلية على الرغم من أن بعض الاعراف والتقاليد
والعادات القبلية ايجابية وهي وان حدت إلى درجة كبيرة من توسع الفتن القبلية
وتأججها فانها لم تستطع القضاء عليها نهائياً , لان المسألة لا ترتبط فقط بتلك
الاعراف والتقاليد والعادات بدرجة رئيسية بل بمدى تفاعلها والعمل بها في واقع
الحياة الذي كان متخلفاً .. ويجب علينا الادراك عند دراسة واقع التطاحن القبلي في
منطقة يافع في العهود الماضية ان الاعراف والتقاليد والعادات التي كانت سائدة
حصيلة لطابع عيش استمر مئات القرون تغلبت فيه احياناً الجوانب السلبية فيها وفي احيان اخرى فعلت
الجوانب الايجابية فعلها تبعاً لتعامل الناس مع الاعراف والتقاليد في المرحلة
التاريخية المعنية .
يتبع
تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ 15 مايو 2012 الساعة: 09:26 ص