كتاب في شرق اليمن(يافع)4
يافع السفلى
كانت النية معقودة لزيارة يافع السفلى بما فيها ابين إذ ان هناك قبائل يافعية كبرى
كالناخبي واليزيدي والسعدي ويهر, ولكن لسوء الحظ لم يكن في الوقت متسع فاضطررت
لذلك ولظروف خاصة الى قطع رحلتي في بلاد يافع والعودة الى مصر.
والامل
قوي في زيارة يافع السفلى في المستقبل القريب لنؤدي واجبنا نحو هؤلاء الاخوان
الكرام.
العودة الى مصر
و في الساعة السادسة صباح يوم السبت 3 ذي القعدة
انطلق بنا السيد عمر قاسم في سيارته الى المطار ومن ورائه السيد حسين عبد الله
العيسائي ولقد خيل الي ان كلا من الصديقين يريد ان يسبق الآخر بسيارته . فكلاهما
منطلق كالسهم وفي بضع دقائق وصلنا المطار فشكرنا الله حيث وصلنا سالمين وشكرت
الصديقين لما لقيته من الحفاوة البالغة والاكرام الواسع النطاق . و في الساعة
الثامنة حلقت بنا الطائرة المصرية تشق اجواء الفضاء في طريقها الى القاهرة.
حلم تحقق
بعد عودتي الى مصر في ذي القعدة سنة 1373 بدأت في إعداد كتابي (( في شرق اليمن )) ( يافع ) للطبع ولكن
حال بيني وبين ذلك المرض فقد قضيت أياماً في المستشفى وخرجت منه وأنا فاقد القوى
وآن أوان السفر الى الحجاز للقيام بعملي كمدرس منتدب من قبل الحكومة المصرية ,
ولذك أجلت طبع كتابي . وشاءت الاقدار أن أكمل رحلتي إلى بلاد يافع السفلى إذ
أنتهزت فرصة إجازة هذا الصيف . ولقد شجعني على ذلك ما لقيته من العناية والاهتمام
والتشجيع من أخواننا يافع بجدة.
وأشتاق السيد حمزة عمر المفلحي لرؤية أهله
وأولاده في خلة فجد عزمه ولقد أحسن فقد كان خير عون لي في رحلتي إلى يافع الساحل و
إلى خلة.
أقلعت الطائرة من مطار جدة صباح يوم الاثنين 9 رمضان
إلى عدن وفي المساء وصلنا مطار عدن وبعد إتمام الإجراءات الرسمية ذهبنا إلى دار
السادة آل العيسائي و بصحبتنا السيد محمد سعيد الباشا الذي استقبلنا بالمطار
فأكرمنا السيد حسين عبد الله العيسائي وأحتفى بنا أكثر مما يحتفي الأخ بأخيه.
![]() |
الجالسون من اليمين ناصر علي الكلدي - صلاح البكري - سيف جبران -
الحاج صالح
الواقفون من اليمين محمد صالح بن الوالي - محمد علي الشعبي - صالح
عبدالحميد المفلحي - حسن عمر - عوض سالم
|
كان
الوقت آنذاك صيفاً والجو حار وريح الصحراء اللافحة تسف الرمال وتقذف بها في وجوهنا
وكان الصوم في هذا البلد شاقاً جداً لذلك أزمعنا واجمعنا على تقصير مدة الرحلة إلي
أقصى حد ممكن . وكنا أردنا الرحيل في اليوم التالي لوصولنا ولكن قيل لنا أن عظمة
السلطان عيدروس بن محسن عفيفي اليافعي سلطان يافع السفلى قادم إلى عدن فأنتظرنا
ثلاثة أيام جاء تشرفنا بمقابلته و أستأذنا من عظمته في السفر إلى يافع السفلى فدار
الحديث الآتي بيننا :
قال عظمته : ما الغرض من السفر إلى يافع
السفلى ؟
قلت : تأليف كتاب يسجل تاريخ يافع و
أحوالهم الحاضرة من كل الوجوه..
قال : ما فائدتنا من هذا التاريخ ؟
قلت : ان يافع المسلمة التي تعيش حرة في
بلادها , والتي تمثل في أخلاقها القبائل العربية الأصيلة ليس لها تاريخ يقرأه
الناس.
وكرر عظمته السؤال فقال : ولكن ما الفائدة
التي ستعود علينا من هذا التاريخ ؟
وتقدم إلى عظمته أو بعبارة أخرى تبرع
للإجابة عني الشيخ أحمد محمد بن سبعة رئيس نادي الاتحاد اليافعي بعدن قائلاً : ان الأستاذ صلاح البكري يريد تأليف
تاريخ ليافع يسجل فيه أعمالكم العمرانية في يافع الساحل وينشر صورتكم وصور
المدارس والمستشفيات التي أنشئت في عهدكم.
ولم يقتنع السلطان بهذه الإجابة وأخيراً أبدى
عظمته استعداده لتقديم اثنين من جنوده لمرافقتنا إلى القارة . ولكن عظمته أبدى عدم
ارتياحه لسفرنا في هذا الوقت نظراً لإضطراب الأمن في طريق القارة بسبب الفتنة
القائمة بين الفضلي وفخيذة من يافع . وهو رأي سديد لذلك أجلنا السفر إلى يافع
السفلى _ و الأتصال برجالات يافع البارزين لأخذ معلومات واضحة عن أحوال يافع
السفلى.
ولم تستمر إقامتنا بعدن أكثر من ليلتين فقد
غادرناها إلى ابين أو يافع الساحل ورافقنا في هذه الرحلة الشيخ أحمد محمد بن سبعة.
أنطلقت بنا سيارة الجيب في طريق ممهد وأرض
منبسطة ولم تعترضنا صعوبات سوى حواجز نهر بنا الطبيعية الشامخة , ولكن سيارة الجيب
دون غيرها تتغلب على هذه الحواجز الطبيعية وتكتسحها.
وفي الساعة العاشرة صباحاً وصلنا الحصن
ووجدنا هذه القرية المتواضعة غارقة في لجة عميقة من الصمت والهدوء فقد كان معظم
السكان نائمين , ولا غرابة فهم يسهرون في ليالي رمضان حتى مطلع الفجر . ولم نخبر
أحداً بقدومنا لكي لا نقلق القوم بالإستقبالات والحفاوات , وهكذا كان دأبنا في
البلدان التي زرناها في شهر رمضان.
وليس هناك فندق في الحصن لذلك
ذهبنا إلى المسجد وأخذنا نصيبنا من الراحة على الرغم من مضايقة الناس الذين كانوا
في المسجد إذ أحاطوا بنا من كل جانب وأمطرونا بأسئلتهم ولم يشفقوا علي فيتركوني
لحظة أنام فيها . والغريب ان معظم أسئلتهم كانت حول جمال عبدالناصر وحول ما قامت
به مصر من الأعمال في عهدها الجديد نحو شقيقاتها العربيات . ولاشك أن الأذاعة
المصرية و بخاصة ( صوت العرب ) أثراً كبيراً في هؤلاء القوم.
![]() |
مدرسة الحصن
|
بعد ان أدينا صلاة العصر ركبنا سيارة الجيب إلى
مزارع ابين اليافعية الخصبة وحقولها الخضراء , وتوغلت بنا السيارة إلى ما بعد
باتيس . وتحتل الأراضي الزراعية مساحات واسعة من السهل الساحلي الواسع العريض.
ويقع أكثر من نصف هذه الأراضي الزراعية في
منطقة الفضلي والجزء الآخر داخل حدود يافع . ولقد وزع السلطان عيدروس بن محسن
العفيفي كثيراً منها على المزارعين , على ان يأخذوا نصف المحصول والنصف الآخر
للمالك ولبيت المال. وهو , أي المزارع , حر في زراعة الأرض , و أهم الغلات : القطن
والموز والبطيخ والذرة . و زراعة القطن حديثة العهد وعليه تتوقف ثروة الأهالي.
وينتج الضمد الواحد المزروع قطناً من خمسة
إلى ثمانين فوسل . ومساحة الضمد الواحد سبعون خطوة مربعة والفوسل 28 رطلاً.
![]() |
جانب من الاراضي الزراعية في يافع الساحل (ابين) |
وعلى المزارعين ان يبيعوا محصول القطن للجمعية
الزراعية التي تقوم بري الأرض بالثمن الذي تحدده . وهي , أي الجمعية , تأخذ مقابل
الري ربع محصول القطن ومن غير القطن تأخذ أربعين شلناً على الضمد الواحد و 8 شلنات
لبيت المال وعشرين شلناً لصاحب الأرض.
نهر بنا
ونهر بنا الذي يروي أراضي أبين ينبع من قرب يريم
باليمن ويتجه شرقاً ماراً بالنادرة ودمت ذات المياه المعدنية والتي بناها الأمير
سيف الأسلام الحسن ومن دمت ينحدر النهر نحو الجنوب الشرقي ويلتقي بوادي الشلال
الذي ينبع قرب مدينة ذمار ويشق طريقه نحو الجنوب مخترقاً مناطق غنية بزراعة القمح
والذرة والفواكه حتى يصل إلى حدود الشعيب وبلاد بني مسلم المفلحي . وهناك يلتقي
بروافد أهمها وادي أسََه و وادي حطيب ويستمر النهر في طريقه إلى أبين ويصب في
البحر العربي.
![]() |
نهر بنا حين يهب الحياة للارض
|
![]() |
ترعة من نهر بنا في يافع الساحل
|
![]() |
جرافة لتسوية الطريق
|
وكانت مياه هذه النهر سبباًً للنزاع و التطاحن والقتال بين القبائل الضاربة
في حوضه وبخاصة في أبين اليافعية والفضلية , وكان الأمن هناك مفقوداَ والحياة
رخيصة . وكانت مياه النهر تذهب إلى البحر من غير جدوى . أما اليوم فقد أختفى ذلك
التطاحن وحل محله الأمن والسلام ولقد قامت الجمعية الزراعية الانجليزية التي تكونت
منذ 13 عاماَ بحفر الترع و إنشاء السدود والخزانات , ونظمت الري على أحدث الطرق.
![]() |
تراكتور
|
واستغلت مياه النهر لمصلحتها ولمصلحة الأهالي
أحسن استغلال وأنشأت الطرق الزراعية للسيارات وغيرها ولا تزال أعمال الأصلاح
والتعمير تشق طريقها في أبين بجدٍ ونشاط.
بعد أن تناولنا العشاء غادرنا الحصن إلى
الرَّوَّا . أنطلقت بنا السيارة الجيب في طريق زراعي غير ممهد وكان الظلام حالكاً
والمروج الخضراء تعج بالصمت و العدم , وكان الرفقاء السادة أحمد محمد بن سبعة و
صالح عبدالرب بن متاش وصالح عبد اللاه عبيد يتحدثون بصوت يحطم ذلك السكون . أما
السيد حمزة عمر المفلحي فقد كان على غير عادته قابعاً في ركن من السيارة غارقاًً
في لجة عميقة من التفكير أو الصمت.
وصلنا الروا الساعة التاسعة مساء وذهبنا إلى دار
العاقل الشيخ محسن حسن بن عبيد المنصري فأستقبلنا بكل حفاوة وإجلال . والشيخ محسن
من أبرز الشخصيات اليافعية في يافع الساحل ومن أكثرهم نبلاً و أبعدهم نظراً وله
مكانة مرموقة ومنزلة عالية بين مواطنيه.
|
![]() |
مدرسة جعار
|
مكثنا في جعار يومين كاملين وما اطولهما فالزائر
لجعار لا يحتاج إلى أكثر من ساعتين ولكننا أضطررنا للبقاء ريثما يعود السلطان
عيدروس من عدن . وعندما جاء عظمته , وبعد أن تناولنا العشاء في قصره بالحصن , عدنا
إلى جعار ومنها إلى عدن.
![]() |
القوة النظامية في جعار |
الشعيب
كان سرورنا عظيماً حين أزمع السيد حسين عبدالله
العيسائي مرافقتنا إلى الشعيب ولقد غادرنا عدن بعد أن تناولنا السحور
نتفادى حر الظهيرة ولكن الإجراءات في لحج عاقت بيننا و بين السفر مبكرين فقد
وجدنا الناس هناك رقوداً فاضطررنا للإنتظار حتى مطلع الشمس و هكذا مضت الليلة دون
ان نذوق للنوم طعماً.
انطلقت بنا سيارة الجيب ولما وصلنا الملاح فضلنا
ان نرتاح هناك ثلاث ساعات فقد أنهكنا التعب لقلة النوم و لإنتظارنا ساعات في لحج.
وفي الساعة الثانية مساء غادرنا الملاح إلى خلة
. وللمرة الثانية نرى خلة عاصمة بلاد المفلحي السفلى ولقد كاد السيد حمزة يطير
لشدة الفرح و لا غرو فهو هنا في خلة بين أهله و أولاده.
وفي الصباح الباكر غادرنا خلة في طريقنا إلى
الشعيب وقد تسلح السيد حسين العيسائي ببندقية و أخذ يقفز الصخور بنشاط وجد
على الرغم من نحافة جسمه والظاهر أنه مولع بحمل السلاح ومغرم بالرماية . وقبل
الرحيل قالوا لنا ان الطريق إلى الشعيب على جانب كبير من السهولة فقوي عزمنا
وأشتدت رغبتنا لزيارة الشعيب و لكن ظهر لنا ان هذا بعيد عن الحقيقة . لقد اجتزنا
عقاباً كأداء و صادفتنا هناك متاعب ومشقات لم أر مثلها في حياتي . فالممرات في
عقبة أو عقاب الشعيب ضيقة ملتوية وعمودية . ولقد توقفت عضلات رجلي مراراً عن
التمدد الأمر الذي جعلني أتخلف إثناء سيري عن الرفقاء من حين إلى آخر . و لقد تأثر
السيد حسين العيسائي حين شاهدني أكافح و أناضل المتاعب بين الصخور البارزة الخشنة
وكان أحياناً ينقطع عن الرفقاء ليواسني ثم يستأنف سيره ليلحق بهم.
وبعد صراع مع الطبيعة ثلاث ساعات وصلنا العوابل
عاصمة الشعيب و ذهبنا إلى منزل مدير المعارف فأحتفى بنا كثيراً ولقد حضر الشيخ
قاسم المفلحي شيخ مشايخ المفلحي فكانت مفاجأة سارة جداً . وبعد العصر قمنا بجولة
في البلدة وزرنا المدرسة وكان بصحبتنا الشيخ محمد الخلاقي وبعض شخصيات الشعيب.
بعد أن تناولنا العشاء في دار الشيخ محمد
الخلاقي أخذنا . نتحدث مع الناس الذين امتلأت بهم دار الشيخ الخلاقي على سعتها.
وتركت الناس ساهرين مع القات وحاولت أن أنام و
لكن من غير جدوى . وبعد ان تناولنا السحور أستأذنا من مضيفنا الكريم الشيخ محمد
الخلاقي وشكرناه على حفاوته بنا وغادرنا العوابل إلى خلة وفي مقدمتنا الشيخ قاسم
المفلحي.
![]() |
الشيخ قاسم عبد الرحمن المفلحي والسيد حسين عبدالله العيسائي |
والشعيب هضبة مرتفعة تحدها يافع من الشرق
والجنوب والغرب وتحدها من الشمال اليمن . وتقع العوابل وهي العاصمة على مساحة من
الأرض الصخرية تكتنفها مساحات ضيقة من الأراضي الزراعية . و تروى الأراضي بمياه
الآبار و الأمطار التي تنزل في الصيف.
وأهم الغلات الزراعية الذرة والقمح و الدخن و
البن و القات و الورد ويستخرج من الورد ماء الورد الذي تشتهر به بلاد الشعيب وتقيم
في الشعيب فخائذ السقلدي الآتية :
1
- الاردف رئيسهم الشيخ محمد سعيد مطهر.
2
- السِّيَل رئيسهم الشيخ محمد الخلاقي.
3
- الرباط رئيسهم الشيخ مثنى ناصر.
4
- القُزعي رئيسهم الشيخ قاسم بوبك جرير.
5
- العنفدي رئيسهم الشيخ يحيى قاسم.
6
- النجدي رئيسهم الشيخ يحيى محمد الحكم.
والاحكام عرفية وقد يلجأون في بعض الأحوال
الشخصية إلى المحكمة الشرعية بالضالع.
وليس هناك في الشعيب علماء ولا قضاة شرعيون وليس
هناك مدارس سوى مدرسة إبتدائية واحدة في العوابل , فالجهالة ضاربة أطنابها في طول
البلاد وعرضها.
وكانت الشعيب تابعة لليمن و عندما ضعف حكام
اليمن انفصلت الشعيب وصارت كل قبيلة خاضعة لشيخها.
وتحالفت الشعيب مع يافع على أن تحميها يافع ضد
كل معتد.
وفي السنين الأخيرة تدخل الأنجليز في شؤون الشعيب
وساعدوا الشيخ محمد مقبل السقلدي ودعموه بالقوة.
وفي سنة 1367 أنقلب الأنجليز ضد الشيخ محمد
مقبل حاكم الشعيب حين رفض الموافقة على بعض مطالبهم و حين قاوم بالقوة وأثار
القبائل ضدهم دكوا داره بالقنابل ولقد فر الشيخ محمد مقبل إلى اليمن و ألتجأ إلى الإمام
وعين الأنجليز نائباً عنه.
والأنجليز يمدون الشعيب بحوالي عشرين ألف شلن سنوياً علاوة على
مرتبات المعلمين وموظفي الصحة . ولقد أنتشر الأمن بعد أن كان مفقوداً وكانت الفوضى
ضاربة أطنابها في البلاد.
بنو مُسِّلَّم
تقع بلاد بني مسلم على وادي بنا الذي يفصلها عن
الجربة . وكانت جزء من الشعيب ثم أنفصلت عنها عندما ضعف حكام اليمن . وتنازع عليها
السقلدي و المفلحي وتدخل الأنجليز ومنعوا الفريقين المتخاصمين من الدخول في أراضي
بني مسلم حقناً للدماء . وفي سنة 1364 هـ عين الأنجليز الشيخ قاسم بن
عبدالرحمن المفلحي حاكماً عليها و أمدوه بجنود وسلاح وذخيرة . وهم أي الأنجليز
يدفعون مرتبات الجنود النظاميين البالغ عددهم 12.
وينقسم بنو مسلم إلى أربع فخائذ :
1 – كلثوم
2 – القدام
3 – الثجر
4 – ذي كَنِيبة
وعاقلهم الشيخ محمد موسى بن علي سعد وهو معين من
قبل الحاكم الشرعي وهو المفلحي.
وتعتبر خلة العاصمة لبني مسلم.
وتروى الأراضي بمياه الآبار والأمطار التي تنزل
صيفاً و أهم الغلات البن و القمح و الورد . وتنحصر الضرائب في غلات الأرض و في الأغنام . وهي تقدر بعشر المحصول وبريال واحد في السنة على كل 12 رأس غنم.
العودة إلى عدن
وصلنا خلة في الساعة السابعة صباحاً وكانت النية
معقودة على مواصلة السير إلى عدن فلدى السيد حسين عبدالله العيسائي أعمال في عدن
لابد من حضورها لإنجازها و لكن حدث ما لم يكن في الحسبان فقد وجدنا السيارة التي
انتظرتنا في خلة معطلة ولقد بذل السائق و زميله جهوداً لإصلاحها و لكن من غير جدوى
, وأخيراً وبعد غروب الشمس غادرنا خلة فأندفعت بنا السيارة
بين الأجراش وكان الظلام حالكاً والسماء تمطر رذاذاً , وكان لابد من الذهاب إلى
الضالع ليأخذ السائق التصريح بالمرور.
وفي الساعة التاسعة مساء غادرنا الضالع , وكان
الهدوء شاملاً والجو معتدلاً و النسيم عليلاً , وعندما بدأنا نهبط في نقيل حردبة
توقفت السيارة عن السير وحاول السائق وزميله إصلاح العطب و لكن ذهبت جهودهم أدراج
الرياح . و من الغريب انه كان لكل منهما رأي في إصلاح السيارة فكانا لذلك يتبادلان
الشتائم , وكان السائق وهو أجهل من رفيقه يمسك زميله ليقذف به في بطن الوادي ,
وكنت أنا والسيد حسين العيسائي صامتين لانبدي حراكاً , ولم يكن في استطاعة أحد منا
الذهاب إلى الضالع في تلك الساعة الحالكة الظلام لبعد المسافة وأخطار الضباع التي
قيل انها توجد في تلك المنطقة , ومن المضحك انه لم يكن لدينا أي سلاح , فلو هجم
علينا ضبع لوجدنا فريسة سائغة له.
هكذا قضي علينا البقاء معلقين في قمة العقبة . ونام
السيد العيسائي على مقعد السيارة مندثراً بلحاف ليتقي برد هذه الجبال الشامخة ونام
السائق في مكانه وأفترش زميله الأرض , أما أنا فلم يبارحني الأرق وحاولت ان أنام
في هذا الجو البارد الجميل فلم أتمكن , ولقد مللت الجلوس داخل السيارة فتركتها
وجلست على صخرة تطل على حافة الوادي العميق المليء بالصمت والعدم , وكانت النجوم
تطل من السماء فتلقي على هذه البقعة العالية من الدنيا نوراً ضئيلاً وعند مطلع
الفجر ظهر القمر يصيب أنواره البيضاء الوهاجة على سفوح هذه المرتفعات العالية ,
وعلى هذه الوديان والأخاديد العميقة , يالروعة هذا المنظر وما أزكى رائحة أزهار
العشب التي يحملها إلينا النسيم . وهؤلاء الراقدون ما شأنهم ؟ انهم ينعمون بنوم
لذيذ , اما أنا فأمتع نفسي بجمال الطبيعة , أجل اني أشعر في هذه البقعة الصامتة
براحة نفسية انستني متاعب الأرق ومنغصاته, كما أنستني مخاوف الضباع المفترسة , اني
لست شاعراً ولكني أجد في الهدوء العميق لذة ومتعة.
نهض السائق وزميله قبيل الشروق وأصلحا السيارة
بعد محاولات قصيرة , فقد كان نور النهار أكبر مساعد لهما على اصلاح السيارة ,
وأندفعت بنا السيارة و أنطلقت مسرعة في قاع الوادي حتى وصلنا إلى الملاح , وبعد ان
أسترحنا قليلاً أستأنفنا الرحيل , وفي الساعة الرابعة مساء وصلنا عدن بالسلامة.
تاريخ
ويافع من سلالة يافع بن زيد بن مالك بن زيد بن
رعينيي الحميري , ومنهم مبرح بن شهاب بن الحارث بن ربيعة بن سعد بن شعيب بن شرحبيل
بن حجر بن عمرو بن شرحبيل بن عمر بن يافع الرعيني الصحابي , وهو أحد وفد رعيني
الذي هبط مصر و كان ميسرة عمرو بن العاص يوم دخل مصر.
جاء في التاريخ الإسلامي ان مرتا القبطية وجدت
نفسها امام جثة روماني في بيتها فوقفت واجمة وتوجهت بصلاتها إلى الله ان ينقذها من
موقفها الحرج , فبينما هي في صلاتها إذا بالباب يفتح بعنف و إذا بصوت أجش مرعب
يقول : لقد قتلت هذا الروماني أيتها المصرية الخائنة . فأنتفضت مذعورة و إذا بها
أمام جنديين رومانيين يهددانها فتراجعت إلى الوراء وفي تلك الساعة الحرجة دخل من
الباب عربي كالح الوجه براق العينين في يده سيف يقطر دماً وما ان وقع نظره على
الجنديين الرومانيين حتى وثب صائحاً : لن تفلتا مني ورب الكعبة . فأغمى على تلك
المرأة , و بعد ان أفاقت وجدت نفسها مستلقية وعلى مقربة منها ثلاث جثث والاعرابي
جالس إلى جانبها , ذلك الاعرابي هو حسان بن زياد اليافعي الذي التحق هو وأخوته
وأبناء عمه بجيش عمرو بن العاص,
واجتازوا نهر النيل في طليعة جيش المسلمين و
ركزوا العلم في الضفة الغربية للنيل , و منذ ذلك اليوم سميت تلك المنطقة ( الجيزة
) وهذا الجيش هو الذي كان الخليفة عمر بن الخطاب يعنيه عندما كتب لعمرو بن العاص
يقول لا تجعل بينك و بين قومك بحراً فأبن سوراً يحمي المسلمين في جيزة الفسطاط ,
وقد أراد عمرو ان ينزل عند رغبة أمير المؤمنين و لكن اليافعيين ومن كان معهم من
ابناء القبائل العربية أبوا إلا ان تظل مكشوفة من امامهم ومن ورائهم , وقالوا
لقائدهم عمرو بن العاص دعنا من السور يا عمرو فانما أسوارنا صدرونا.
وهناك علماء محدثون من يافع منهم عبد الله بن
وهب و عبد الله أبن سعد بن الصعبة وغيرهما . ومن متأخريهم قطب الحرم المكي عبد
الله أبن سعد اليافعي.
يافع واليمن
كانت بلاد يافع حتى أواخر القرن الحادي عشر احدى
المقاطعات الملحقة باليمن . وكان امام اليمن وهو في الوقت نفسه تابع للدولة
العثمانية يعين احد ابنائه حاكماً على يافع وقد يعين هذا الأمير من يثق به ويعتمد
عليه على يافع بالنيابة عنه ويظل هو في اليمن . ولعل آخر من عين من الأمراء
اليمنيين على يافع هو الإمام عبد العلي بن أحمد علي الأهدل الحسين ولعل آخر نائب
أو حاكم هو صلاح بن أحمد مسمار وهو الذي أصلح الطرق ومهد العقاب حتى جعلها صالحة
لسير الدواب والمشاة وأهم هذه العقاب نقيل بني بكر و ذبوب و توزلي و شِرْعة .
والأميرالحسين أبن الحسن بن الإمام القاسم بن محمد هو الذي أنشأ مسجد النور سنة
1081هـ وكان مركز إدارته في بلدة مسجد النور , و لاتزال الدار التي كانت
تصدر منها الاحكام والأوامر قائمة في مسجد النور حتى اليوم.
وعندما سرى الضعف في حكام اليمن لضعف الخليفة
العثماني و أزداد التخاذل والتناحر على المراكز قلت الرقابة على يافع إلى حد كبير
وأهملت شؤونهم كل الأهمال وكانت النتيجة ان أخذت قبائل يافع تنفصل عن سلطان اليمن
تدريجياً حتى انفصلت انفصالاً تاماً وأخذت كل قبيلة تلجأ في حل مشاكلها وفي إصلاح
ذات بينها الى رجل منها ذكي قوي الشخصية بعيد النظر محب للخير.
ولما تولى الحكم في اليمن الإمام حسين بن مهدي بن
عامر طمع في ضم يافع إلى اليمن . كان ينظر إلى يافع كعدو قوي الشكيمة جاثم على
حدوده ومن اجل ذلك جمع بعض القبائل في رداع وأرسلهم بقيادة عامر بن صالح لمحاربة
يافع في جمادي الأولى سنة 1102هـ .
وبلغ الخبر يافع ان جيش الإمام سيهجم عليهم من
ناحية قعطبة فأجتمع عدد كبير منهم على مقربة من قعطبة لصد هجوم الزيود ولكن عامر
بن صالح فاجأ يافع بالهجوم على خرفة وهناك أصطدم بقوم من يافع واستمرت
المعركة حامية الوطيس من الصباح حتى غروب الشمس و أنسحب الزيود إلى قعطبة تاركين
وراءهم عدداً من القتلى والجرحى.
ولقد كان لهذه الهزيمة التي لم يتوقعها الإمام
أثر سيء في الزيود وأرادوا الأخذ بالثأر فحشد الإمام ثلاثين ألف مقاتل في قعطبة
وجعل عليهم ابنه الأمير قاسم وهجموا على خرفة ليلاً وأحتلوها وقتلوا كثيراً من
حماتها . وكان هذا النصر الذي حازه الزيود أكبر مشجع للإمام على الأستمرار في
محاربة يافع فقد سار بنفسه الى دمث وجهز عشرين ألف مقاتل وأرسلهم إلى جبن للهجوم
على جبل حجيل ريو وأرسل إلى جيشه المرابط في خرفة ليهجموا على جبل حجيل تيم . وهجم
الزيود في يوم واحد على حجيل ريو وحجيل تيم . وأجتمعت بعض قبائل يافع بجربه غالب و
أتجهوا إلى ريو . ونهض السلطان معوضة العفيفي وجمع من بني قاصد عدداً كبيراً وسار
بهم إلى تيم . وعلى سفح الجبل تلاقى الزيود و يافع وأشتدت المعركة و أنتهت بهزيمة
جيش الإمام بعد ان قتل عدد كثير من الفريقين ثم عقد صلح تعهد فيه الفريقان ألا
يتعدى أحدهما على الآخر .
يافع تغزو اليمن
ولم تطل مدة هذا الصلح أو هذه الاتفاقية فقد أخذ
الإمام يتحرش بيافع ويناوش أطراف حدودهم من حين إلى آخر مخالفاً بذلك شروط الاتفاقية
القائمة بينه وبين يافع.
فالإمام إذن هو البادئ بنقض الإتفاقية ولقد غره
همود يافع وخمودهم داخل حدودهم فأخذ يحشد القبائل في الخربة وما حواليها حتى بلغ
عددهم نحو الأربعين ألف مقاتل.
وبلغ يافع نبأ إحتشاد الزيود لمحاربتهم فعقدوا
النية وأجمعوا أمرهم على أن يهاجموا اليمن قبل أن تهاجمهم.
أجتمع عدد كبير في المحجبة . وفي يوم الأثنين
سلخ ربيع الأول سنة 1103 ساروا
إلى عنتر وقضوا هناك ليلة وفي صباح الثلاثاء ساروا إلى سوق الثلاثاء حيث تجتمع فيه
كثير من قبائل يافع وهنا أستطاع قادتهم أن يحشدوا جموعاً كثيرة من مختلف العشائر
اليافعية شباناً وشيوخاً وكهولاً . تجمعوا وهم في أشد ما يكون من الحماسة والشجاعة
والتلهف إلى القتال والنضال . ساروا نحو الخربة حيث تتركز قوات الزيود وأحاطوا بها
إحاطة السوار بالمعصم ثم هجموا على الزيود وأشتبكوا معهم في قتال عنيف أستعملت فيه
البنادق والسيوف والخناجر.
ولما بلغت المعركة نهايتها من العنف والقسوة
حاولت بعض قوات الإمام الفرار ولكنها لم تستطع إلى ذلك سبيلاً فقد أحاط يافع
بهم من كل الجهات ولم يتركوا لهم منفذاً للفرار وأخيراً أنسحب الزيود إلى داخل
ديار الخربة وتحصنوا بها وأخذوا يقاومون مقاومة اليائس المستميت ولكن الجوع أخذ
يضايقهم لشدة الحصار فأضطروا إلى أكل لحوم الجمال والحمير.
وأرسل الأمير يوسف كتاباً إلى الإمام يشكو إليه
ما حل بجيشه من الجوع والبوار وطلب إليه السماح له بالإنسحاب والعودة إلى داخل
حدود اليمن ولكن الكتاب وقع بين يدي يافع فلم يصل إلى الإمام ولما بلغ الإمير ذلك
طلب الهدنة من يافع والإنسحاب ولقد أجابه يافع إلى ذلك وعاد بفلول جيشه إلى اليمن.
ومرت شهور ساد فيها الهدوء ولكنه الهدوء الذي
يسبق العاصفة فقد سار الإمام بنفسه إلى الزاهر لمحاربة يافع . ولقد علم يافع
ان الإمام يعد عدته في الزاهر لمهاجمتهم داخل حدودهم فسارعت جموع كثيرة منهم إلى
جبل العر في أول رمضان سنة 1104هـ وقد انحاز السلطان أحمد بن علي الرصاص
وأتباعه إلى الإمام ضد يافع لإسباب غير معروفة . ولكن ذوي الرأي والفكر من يافع
أستطاعوا ان يؤثروا في السلطان أحمد بن علي الرصاص ويضموه وقومه إليهم , كما انهم
أرسلوا للسلطان معوضة العفيفي . فلبى نداءهم وقام من أبين إلى القارة في طريقه إلى
العر ولكن السلطان وافاه الأجل في القاره يوم 13 رمضان 1104هـ وقام بالأمر
بعده ابنه قحطان . وفي أواخر رمضان وصل السلطان قحطان إلى العر بجموع كثيرة من
عشائر كلد وبني قاصد.
وفي 2 شوال سنة 1104هـ وصل إلى العر
السلطان أحمد بن علي الرصاص وعشيرته وتعاهد الجميع على أن يكونوا كتلة واحدة
يدافعون عن بلادهم بكل ما أوتوا من قوة ولا يتزحزحون قيد شعره حتى يهلكوا جميعاً.
تقابل الفريقان , يافع والإمام , في الدرب وكانت
معركة عنيفة قتل فيها عدد كبير من الفريقين وانسحب الإمام بفلول قواته إلى البيضاء
ورابطوا بها.
أما يافع فقد أحتلوا الزاهر وأجمعوا أمرهم على
مطاردة الإمام داخل حدوده , لذلك ساروا إلى البيضاء ورابط جماعة منهم في نجد السلف
ليمنعوا هروب الزيود من البيضاء وأشتبك الفريقان في معركة عنيفة وأشتد ضغط يافع
وهجومهم على مدينة البيضاء من كل الجهات وحاصروا الزيود فيها حصاراً شديداً حتى
عجزوا عن المقاومة لنفاذ الذخيرة والمؤن لذلك عرضوا الهدنة على يافع على أن
ينسحبوا من البيضاء وقد أجيبوا إلى ذلك وخرجوا من المدينة إلى نجد السلف في طريقهم
إلى صنعاء.
ولكن المرابطين من يافع في نجد السلف هجموا
عليهم بالسلاح الابيض وقتلوا حوالي أربعين شخصاً منهم وأسروا كثيراً من أسلحتهم
ومؤنهم وعادت فلول قوات الإمام إلى صنعاء بعد أن جردوهم من الاسلحة وكان عدد
القتلى من يافع في نجد السلف خمسة عشر مقاتلاً.
قلعة أبين
في الوقت الذي كانت عشائر يافع تتجمع وتتكتل في
العر استعداداً لمنع زحف قوات الإمام حاصر جماعة من الزيود قلعة أبين وكان بها عدد
من يافع ومنعوا عنهم الماء والطعام ثم هجموا على القلعة ودخلوها وقتلوا معظم
حماتها ولم يستطع يافع استرداد القلعة لإنشغالهم بمحاربة الإمام في البيضاء ونجد
السلف فلما أنتهت معركة البيضاء أجتمع السلطان قحطان أبن معوضة العفيفي والسلطان
عبدالله بن أحمد الفضلي والسلطان أحمد بن علي الرصاص وعدد كبير من عشائر الموسطة
أجتمعوا في سيلة كلد أسفل ذي ناخب وتعاهد الجميع على طرد الزيود من قلعة أبين
وأستردادها بأي ثمن . وفي جمادي الأولى سنة 1105هـ هجموا على القلعة وأحتلوها عنوة وقتلوا حماتها
الزيود.
وفي
محرم سنة 1106هـ أرسل الإمام إلى يافع ليقابلوا أبنه الامير محسن في بلاد
الشاعري لعقد صلح وسار وفد من يافع إلى بلاد الشاعري ولكن الإمام نكث بوعده فعاد
الوفد اليافعي إلى بلاده.
وفاة السلطان صالح بن أحمد بن هرهرة
وفي شهر شوال سنة 1106هـ توفى السلطان صالح
فأجتمع قوم من عشائر يافع العليا في المحجبة وولوا ابنه السلطان ناصر فحذا احسان
أبيه في العمل لإصلاح ذات البين بين قبائل يافع العليا.
وقعة الزاهر
في سنة 1107هـ طمع الإمام قاسم بن حسين
المهدي في إحتلال يافع وبسط نفوذه عليها فحشد لذلك نحو ثلاثين ألف مقاتل في الزاهر
, ولما علمت يافع هرعت جموع كثيرة من يافع العليا والسفلى يتقدمهم السلطان ناصر بن أحمد بن
هرهرة والسلطان قحطان بن معوضة العفيفي والسلطان أحمد بن علي الرصاص ورابطوا في
العر لصد زحف جيش الإمام . وتقابل الفريقان فكانت معركة عنيفة لا هوادة فيها و لا
رحمة.
وأخيراً أنسحب جنود الإمام تاركين خلفهم عدداً
كبيراً من القتلى والجرحى ودخل يافع الزاهر واستولوا على ما فيها من مؤن وذخائر.
وقعة لحج
في شهر رجب 1107أجتمع بضع مئات من يافع السفلى وساروا إلى
لحج وحاصروا قلعة الرعارع ثلاثة أيام وكان فيها نحو ألف مقاتل من الزيود.
ولما رأى يافع ان لا فائدة من الحصار هجموا على
القلعة بالسلاح الابيض ولقد أبدى الزيود شيئاً كثيراً من الشجاعة والبسالة في
مقاومتهم ليافع وأخيراً سلموا القلعة ليافع ويظهر ان الجوع هو الذي دفعهم للتسليم
من غير قيد ولا شرط فقد انتهى زادهم كما ان القتلى منهم بلغ حوالي أربعمائة . أما
عدد القتلى من يافع فكان مائة وثمانين.
وفي أول رمضان سنة 1107 طلب الإمام الصلح فاجابه يافع إلى ذلك , وأراد الإمام أن يبرهن على
حسن نيته ويقوي الصلة بينه وبين يافع وانصارهم لذلك أرسل إلى السلطان أحمد بن علي
الرصاص يبدي رغبته في زواج أبنه محسن من أبنته سلمى وتم الزواج في ربيع الثاني سنة
1108.
وقعة المعسال
ولكن الصلح لم يظل فقد تعكر فجأة . ففي رجب سنة
1109 حشد الإمام أربعين ألف مقاتل من حاشد وبكيل وسفيان وعلى رأس هذا الجيش ابنائه
محسن ويوسف.
وبلغ يافع نبأ هذه الحركات التي يقوم بها
الإمام في المعسال تمهيداً لغزو بلادهم فاجتمع ألوف من مختلف العشائر اليافعية لصد
هجوم الزيود وأصطدم الفريقان فكانت معركة عنيفة بالبنادق والسلاح الابيض وكاد يافع
ينهزمون لتفوق عدوهم في العدد والعُدد ولكن النصر كان حليفهم في نهاية المعركة
وعقدت هدنة بين الفريقين لمدة سنة , وحين انتهت الهدنة بدأت الأعتداءات من
الفريقين تظهر حيناً وتخمد حيناً آخر حتى جاءت سنة 1113 فعقد صلح بين يافع والإمام قاسم بن حسين المهدي وكان الواسطة في
الصلح الأمير عمر بن جعفر الكثيري وكان الأمير ميلاً للعهد ومحباً للسلام فقد أخذ
يقود إلى يافع ويرسل لشيوخهم وقادتهم الهدايا والعطايا الثمينة.
احتلال عدن
في شهر جمادي الثانية سنة 1114 سار السلطان قحطان بن معوضة العفيفي بقوم من يافع إلى عدن ودخلها
بدون مقاومة من سكانها وأقام بها ثمانية أيام ثم غادرها عائداً إلى القارة بعد أن
أقام عليها الشيخ صالح أبن سليمان كما أقام حسن بن غرامة حاكماً على لحج .
الإمام ينقض الصلح
في سنة 1114 وقبل أن ينتهي الصلح جهز الإمام
جيشاً من قبائل حاشد وبكيل المعروفة بقوة الشكيمة وجعل عليهم أبنيه ابراهيم
وعبدالرحمن و أرسلهما إلى راكب لمحاربة يافع واخضاعهم تحت سلطته , وما كانت هذه
الحركات تخفى على يافع فقد قام السلطان قحطان بقوم من يافع وأتجه إلى حيث
يعسكر الزيود وقامت الحرب بعنف قتل فيها عدد كبير من الفريقين واخيراً أنسحب
الزيود تاركين خلفهم كثيراً الأسلحة والمؤن , وأخذ يافع يطاردون فلولهم حتى وصلوا
إلى جبن وخربوها ثم واصلوا سيرهم إلى دمت وهناك غنموا غنائم كثيرة وعادوا بها إلى
القارة .
وثائق تاريخية
عثرنا خلال رحلتنا بيافع العليا على وثائق
تاريخية مضى عليها حوالي ثلاثة قرون , ونحن ننقلها هنا لتلقي ضوءاً على التاريخ
اليافعي اليمني.
((
بسم الله الرحمن الرحيم
وبالله
نستعين على أمور الدنيا والدين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين,
انه لما كان يوم الخميس الواقع عام 1075 خمسة وسبعين من بعد الأف وهذه علامات التأسيس المتقدمات في ولاية
شرف الإسلام والمسلمين المتوكل على الله رب العالمين الناصر لدين الله الإمام
المستعلي قبل سيدنا الحسين بن الحسن بن الإمام القاسم في مرور يافع الجبل على يد
العامل صلاح أحمد مسمار وعما قامت معه من جماهير الأنساب بكسر اليمن على يد الحاكم
بأمر الله الإمام عبدالعلي أبن أحمد بن علي الأهدل الحسيني بانه تولى فيها دهراً
طويلاً وسكن أوتاد جبالها المعلومة وأمتلك الجوانح البرية والنواحي البحرية وبايع
عليه السلطان قحطان بن معوضة العفيفي والشيخ الهرهري وأهل سبأ بن يشجب وأهل قبيله
وأهل رها وقلدوه ما بايديهم وبايعوه مبايعة الحكم والاحتكام والقيد والالتزام
ومبايعة السيوف والأقلام وأستقامت ولايته في تلك البلدة باستقرار واستمرار بحق
واستحقاق وأتصل الإمامة العلوية من ميراث النبوة واقام بالفروض والواجبات والسنن
القائمات واقامت له الخطباء ان يدعوا له بالنصر والتأييد وقام بأمر مستكفيهم في
البلد المعلومة في المبايعة الصحيحة الشرعية وتولى (……..) (……..) بشكر الله
وطاعته بالاقليم المشهور وتشديد الوحدة بالجزيرة البرية العربية بيد سيف السنة
بهذا اللقب المذكور وبالعلم والصلاح والتحرير على المذهب السلفي بالحديث والنجو
المستقيم بأمر الله وطاعته وصحة بيعة شاملة تامة حازمة لازمة مشمولة بحدودها
الاربعة في ولاية الامامية العلوية فيما اولاه مولاه من ميراث النبوة على المذهب
السلفي في هذا التقييد المثبت في التزام البلد والاوطان المعلومة للوقت المقبل
المستوتر بإنقياد الأمر والنهي وأقتضت المصلحة الجامعة في مجلس كل طرف في عقد هذه
البيعة في شرطها وأحكامها بيد الامام المغترض عن الطاعة في ضمانة الإيمان المكتسب
المنسوب بالخلع والتقلد والحمد لله على ولاية الامامة العلوية وعلى سوابق الإسلام
في عقد هذه الامانة المشهورة بحضور العدول الثقات بمن لم يكتبوا واذنوا ان يكتبوها
وأشهد ان لا إله إلا الله ونشهد ان محمداً عبده ورسوله والحمدلله رب العالمين وصح
هذا الصحيح بيد العامل صلاح احمد مسمار.
الامام
عبدالعلي بن احمد علي الاهدل الحسين
الامام
عبدالعلي بن احمد علي الاهدل الحسين
الامام
عبدالعلي بن احمد علي الاهدل الحسين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي قيم الامامة
العلوية مما امتد به واستقر من ميراث النبوة في مصالح الاسلام وصلاح الاعمال
واتباع الشرع الشريف وأشهد ان لا إله الا الله وإن محمداً عبده ورسوله صلى الله
عليه وسلم وهذه علامات ما تقدم فيما استقرت الامامة العلوية في البلدة المعلومة
بلاد لوط الواردة اليها نواحي يافع الجبل وهي المتوسطة ما بين حدة البحر المالح
ويافع الجبل ساحل أبين بعد مرور تلك الدولة الامام المستعلي الحسين بن الحسن بن
الامام القاسم على يد صلاح بن أحمد مسمار وجماهير الانساب بكسر اليمن دهراً طويلاً
قام انتهاء الارتحال وتولى عن البلدة المعلومة السلطان صلاح الفضلي وخلايفه
(خلفاؤه) وولاه الامام المستعلي مابيده في مبايعة بكسر اليمن المعمور ولاه وقلده
ما بيده في مرور بلدته وصح مستنيب ( كذا ) في بلدته المشتملة بحدودها الاربعة بعد
خروج الخلايف الطايفات من القيحاف والمقاويع مقاويع حلمة القيحاف الى امفيحية الى
غربي حلمة والى الروند والامييه والى النبوة والى جبيل برف والى الرمالة ومخشاعية
الى جعار والى الجبيل والى قلعة خنفر وصح ما سمي من حد وبلد وأوطان وهاملات
الاطيان الى عرض حد اليافعي بنظر اعترف الحدود وأنصراف من وصل بالمرور القادم بالتأسيس
المتقدمة بالارض المعلومة الا انها وجدت الدولة الامامية تلك البلدة مطموعة
وسلطتهم مطموعة وما صارت لهم تحت القبض القادم الى بعد اظهار مناد الامامة العلوية
في صحيح الرقم الواقع بعدما استولوا على مغلات البلاد المعلومة وصح هذا الرقم بيد
السلطان صلاح الفضلي وخلايفه بانقياد الى الامام المستعلي وتقدم الرقيم في وقت طلب
الخليفة الطايفة وتكفل الامام المفترض بما يلازم البلاد من الخلايف والحمدلله رب
العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين .
صح في عام وفا الميه من بعد الاف (1100هـ
) في صحيح الامامة وجماهير الانساب يكسر اليمن .
وكتب ذلك الصحيح صلاح بن احمد مسمار
الامام
عبدالعلي بن أحمد الاهدل
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين على أمور الدنيا والدين وصلى الله
على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين وهذه علامات التأسيس المتقدمة عما قام به
شرف الاسلام والمسلمين خليفة رسول الله أمير المؤمنين الامام عبدالعلي بن أحمد بن
علي الاهدل الحسيني فلما اكتسب الامامة من ميراث النبوة فلما قام بالامامة العلوية
باليمن المعمور قصد بلاد لوط ساحل ابين وجبله يافع الحيد فلما وصل سكن فيها وأستمر
دهراً طويلاً وبعد شدد عليهم سبيل ربه من الحكمة والمواعظ والحسنة ما قبل الله
أعمالها وأمسك البحر ودجى الأرض وأمسك رواسي الجبال وجاءت عليه الخلافة دار تحل من
ما كانت بيده تحت القبض القادم من النواحي البحرية والجوانح البرية بعد الارتحال
بايع ما كانت بيده من البلد المعلومة على السلطان سيف بن قحطان بن معوضة العفيفي
وصحة البيعة في ساحل ابين مشمول الى شاطئ البحر ويافع الجبل مشمول وبايعه ذلك بيعة
سعيدة شريفة ميمونة بها السلامة في الدين والدنيا مضمونة بيعة صحيحة شرعية بيعة
ملحوظة مرعية بيعة متفق بها على الاجتماع عليها الاجماع واعتقد عليها من سمع الله
وأطاع وأبذل فيها من كل أمر مستطاع وأقر الخصم وأنقطع النزاع وبايعه بذلك
فيما قل وجل وأولاه الامور والاحكام وأرباب المناصب والاحتكام وحملة العلم
والاعلام وحماية السيوف والاقلام واعطاه التصرف بالامامة وقلده ذلك ما به
التقليد من الحكم والاحتكام والتزم بالقيد والالتزام وبايعه بيعة لا يحل عقدها ولا
ينبذ عهدها بيعة لازمة حازمة دائبة دائمة تامة عامة شاملة كاملة صحيحة متبعة وصحه
بالمبايعة ……,……..بالمتابعة وأجاز باحكامها على نفسه وامضاها ودخل تحت طاعتها
وعمل بمقتضاها وقضى بينهم بالحق وقيل الحمدلله رب العالمين وصح هذا الصحيح بيد
السلطان سيف بن قحطان العفيفي مصحح بتشديد الوحدة بكسر اليمن في مدينة اب ذات
اليمن بالقلم المصهور عن يمين البيت في صحيح الامام المستعلي الامام عبد العلي بن
أحمد بن علي الاهدل الحسيني وفي حضور جماهير الانساب القايمين بما أمر الله ورسوله
والحمدلله رب العالمين .
صح ذلك في عام أثنين وخمسين ومية وألف في شهر رجب(1152هـ).
الامام
عبدالعلي بن احمد علي الاهدل
الامام
عبدالعلي بن احمد علي الاهدل
يتبع
تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ 25 أكتوبر 2010 الساعة: 08:26 ص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق