الجمعة، 28 نوفمبر 2014

كتاب في شرق اليمن(يافع)2

في شرق اليمن(يافع)2


  
قبيلتا الفردى و ريْو
     
    تقع قبيلتا الفردي وريو شمال بني بكر وخلاقة وهم الحد الفاصل بين اليمن ويافع اذ يفصلهم عن اليمن وادي حمرة الذي يتصل بوادي حطيب في وادي بنا . وقد حاولنا زيارتهم ولكن لسؤ الحظ لم تسمح لنا الظروف .

    ويبلغ عدد قبيلة الفردي نحو 2000 مسلح وهم من يافع الضبي اما عدد قبيلة ريو فلا يقل عن 900 مسلح وهم من يافع الموسطة.


الاحد 12 شوال

     في الساعة الثامنة صباحاً غادرنا بني بكر فودعونا بقلوب ملؤها الاحترام والتبجيل . وهبطنا بحميرنا في نقيل ( عقبة ) بني بكر ذات الانحدار الشديد ولاتزال في العقبة بقايا احجار مرصوصة رصاً محكماً لطريق قديم قيل ان الذي انشأه الشيخ صلاح بن احمد مسمار الذي كان يحكم يافع بالنيابة عن امام اليمن القاسم بن محمد بن علي في أواخر القرن الحادي عشر الهجري.

    ومن يقف على هذا المنحدر يقع نظره على بقاع لا نهاية لها ملأى بالصخور الرمادية الداكنة ؛ وفي المناطق المنخفضة عالم من الفتنة والجمال فتسطع الشمس باشعتها اللامعة على الوادي الساكن الهادئ وتنتشر فيه اشجار النبق والبن والبوص , يخترقه خط ابيض هو قاع السيل . هذا هو وادي حطيب . في بطن وادي حطيب وتحت شجرة نبق جلسنا وشربنا قهوة قدمها لنا آل العيسائي من سكان الوادي .

     وبعد ساعة استأنفنا السير وبدأنا نصعد نقيل ذبوب وقد بدأت الشمس تتبوأ مقعدها في كبد السماء فتتساقط اشعتها عمودية علينا ولذلك شعرنا بحرارة الجو ولا غرو فنحن هنا في وادي عميق تحيط به جبال صخرية شاهقة . ومما يلفت النظر هنا وضوح طبقات الجبال فهي مركبة من صخور نارية تعلوها طبقة من الحجر الجيري من العصر الجوراسي وتلي هذه طبقة من الصخر من العصر الطباشيري ثم قشور اردوازية وجيرية وتتكون الطبقات الحديثة من الطمي والرمل , وفي بطون الوديان من الرواسب الغرينية .

    بعد ثلاثة ساعات وصلنا قمة العقبة سيراً على الاقدام . وعلى الرغم من ان بعض الطريق مرصوص بالحجر وعلى الرغم من اننا كنا نتوقف قليلاً للاستراحة الا اننا لاقيينا تعبا ومشقة وذقنا آلام العطش والحر .

    في سفح الجبل وجدنا خزانا منحوتاً في الصخر مليئاً بماء المطر وقد جلسنا حوله نستعيد نشاطنا واخذ رفقاؤنا يدخنون الشيشة وتسمى في يافع ( المداعة ) .

    وعلى مقربة من الخزان وقف راع وراعية وخلفهما قطيع من الاغنام وقد ذكرني شكلهما والحمرة التي تعلو وجهيهما برعاة الاغنام في أرياف نابولي بايطاليا حين زرتها في فبراير عام 1950م .

الحضارم

    بعد نصف ساعة غادرنا الخزان واجتزنا طريقا ممهداً حتى وصلنا الى الشبر قبيل غروب الشمس  ونزلنا في دار الشيخ محمد بن محسن الحضر من شيخ الحضارم , وديار الحضارم متناثرة وتتكون المباني من دورين الى خمسة ادوار وهي كغيرها من مباني يافع مبنية من الحجرالمنحوت من التلال الصخرية المحيطة بهم , ولقد احتفى بنا الشيخ محمد بن محسن وامتلأت داره بالوافدين من الحضارم للترحيب بنا .

ذيصراء

    وفي الساعة السابعة صباح الاثنين 13 شوال غادرنا الشبر وقطعنا طريقاً ممهداً ومررنا بمساحات واسعة من الاراضي الزراعية التي تروى بماء الآبار الارتوازية وقد شاهدنا نساء ينزحن الماء من لآبار لري الذرة والبرسيم وهي عملية شاقة للجنس اللطيف ولكن المرأة اليافعية تعتبر نفسها شريكة الرجل في اعماله وكفاحه من اجل الحياة .

    وبعد ساعتين وصلنا ذيصراء عاصمة الضُبي فاستقبلنا جماعة من آل عاطف جابر وعلى رأسهم الشيخ صالح بن سالم بن عاطف جابر سيد الضبي واطلقت العيارات النارية ترحيباً بقدومنا . نزلنا في دار الشيخ صالح بن سالم بن عاطف جابر وهو من ابرزالشخصيات في يافع, ذكي نافذ الذكاء ولكنه هادئه في الوقت نفسه, حليم شديد الحلم لا يعرف الطيش ولا التعجل ولا الاندفاع , وكثيراً ما تعتبر اراؤه حلاً للمشاكل المعقدة والقضايا الغامضة , وكنا اردنا الرحيل صباح الثلاثاء , ولكن مضيفنا منعنا عن ذلك واصر في المنع واقسم ان نبقى يوماً آخر ولم نجد بداً من التسليم لارادته على الرغم من ضيق الوقت .

مسجد النور

    غادرنا ذيصراء صباح الاربعاء 15 شوال وأبى الشيخ صالح بن سالم ابن عاطف جابر الا ان يرافقنا الى مسجد النور حيث يقيم آل الحريبي . والطريق ممهد يخترق سهلاً صخرياً قطعناه في نصف ساعة سيراً على الاقدام .

    ولقد استقبلنا آل الحريبي بكل حفاوة واطلقوا الاعيرة النارية ترحيباً لقدومنا.

    نزلنا في دار الشيخ غالب بن عبدالله شيخ الحريبي ثم انتقلنا الى منزل الشيخ حسين الحريبي .
 
آل الحريبي


      ومسجد النور بلدة تتكون من مجموعة من المنازل العالية يحيط بها اراض زراعية خصبة وعلى مقربة منها تقع مدينة إرب الأثرية التي يرجع عهدها الى ماقبل الاسلام , وقد اثرت فيها عوامل التعرية فمحت معالمها ولاتزال هناك مجموعات من الاحجار متناثرة وهي بقايا بيوت كانت آهلة بالسكان , وبالقرب من دار الشيخ علي بن حسين الحريبي توجد مقابر اثرية منحوتة في الصخر , ومما تجدر الاشارة اليه ان اتجاهها الى غير القبلة يدل على انها مقابر قديمة ترجع الى عصر ما قبل الاسلام.

بلدة مسجد النور

        زرنا مسجد النور الذي سميت البلدة باسمه والذي بني سنة 1081هـ حين كانت يافع خاضعة لليمن . والمسجد مبني من الحجر ولذلك لا يزال سليماً ويستعمل للصلاة وفي جانب منه شاهدت جمعاً من التلاميذ والتلميذات وبينهم معلمهم يعلمهم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والدين . ولقد سررت لهذا المشهد الذي هو الاول من نوعه في يافع, فالبنات يتعلمن مع البنين جنباً الى جنب, وسررت اكثر لاهتمام بعض الآباء بتعليم بناتهم, وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

حائط

     وبلدة مسجد النور تتوسط بلاد يافع العليا , ولذلك اتخذها الامام القاسم بن محمد مقراً لحكمه . ولا تزال الدار التي اتخذها مقراً للادارة قائمة حتى الآن.

    وفي صباح الخميس 16 شوال , وقبل ان نرحل الى القدمة جاءنا رسول من السادة آل هرهرة سكان المحجبة يطلبون زيارتنا لهم , ولقد وعدتهم بالزيارة عند العودة من القدمة اذ اني قبل ذلك ارسلت خطاباً لشيخ الموسطة بالزيارة عنده في يوم الخميس ولذلك لم استطع تغيير او تعديل الرحلة . ولكن آل هرهرة أولوا هذا الوضع تأويلاً آخر , اذ ظنوا ان زيارتي للقدمة قبل المحجبة اهانة لهم لأن المحجبة اقرب لمسجد النور من القدمة ولذلك ارسلوا رسولاً آخر الى القدمة يعتذرون عن قبول زيارتنا لهم لغياب عظمة السلطان.


سوق الصيرة
     
    غادرنا مسجد النور الساعة الثامنة صباحاً سيراً على الاقدام اذ ان الطريق ممهدة لا عقاب فيها ولا تلال , وفي الساعة التاسعة وصلنا الصيرة وكانت مزدحمة بالناس,

    اذ وافق قدومنا يوم السوق التي تقام يوم الخميس من كل اسبوع فتجتمع فيه فخائذ كثيرة من الموسطة وغيرهم من قبائل يافع وتعرض فيه انواع مختلفة من السلع وهي اشبه بمؤتمر اسبوعي.

    لذلك ينتهز شيخ الموسطة الشيخ احمد بن ابي بكر النقيب هذه الفرصة فيجمعهم في ميدان السوق ويتحدث اليهم فيما يصلح شأنهم ويرفع مستواهم , ولقد استقبلنا في الصيرة اكثر من ألف مسلح من فخائذ الموسطة وغيرهم وأطلقت آلاف الاعيرة النارية ترحيباً بقدومنا , وتنافس الشعراء في القاء القصائد اثناء سير الموكب ( الزامل ).

    وفي ميدان الصيرة حيث تحتشد الجموع الغفيرة وقف سيد الموسطة الشيخ احمد ابي بكر النقيب وقدمني لهم في كلمة مختصرة جمعت فأوعت . ووقفت بعده وشكرت القوم على ما أظهروه نحوي من الاحترام والتقدير وما قاموا به من الحفاوة والتكريم , وانتهزت هذه الفرصة فاوضحت لهم ماتعانيه بلاد يافع من جهالة عمياء وتأخر شنيع في جميع مرافق الحياة ودعوتهم الى جمع الكلمة ولم الشعث وتوحيد الصفوف ونشر التعليم.

جانب من قبائل التي احتشدت لسماع خطبة المؤلف في سوق الصيرة

    ذهبنا بعد ذلك الى منزل قاضي الصيرة الشيخ عبدالباقي بن سالم الحوثري وكان غائباً ولكن اخاه الشيخ سعيد سالم استقبلنا بالنيابة عنه , وبعد ان شربنا القهوة اليافعية ذهبنا الى القدمة وأبى سكانها الا ان يستقبلونا باطلاق الاعيرة النارية مع انهم كانوا في مقدمة الذين استقبلونا في سوق الصيرة . والمسافة بين الصيرة والقدمة نحو ربع ساعة . والقدمة عاصمة الموسطة وتقع على تل صخري منيف وتحيط بها مزارع الذرة وقليل من نبات القات ترويها الامطار التي تسقط صيفاً ؛ وقد يستعينون في ري الاراضي بمياه الآبار الارتوازية , وهي كثيرة في بلاد يافع على الرغم من ان مياهها ليست غزيرة .

    نزلنا في دار الشيخ احمد بن ابي بكر التقيب وسرعان ما اكتظت قاعة الجلوس على سعتها بالزائرين وعلى وجوههم دلائل الفرح والسرور .. ولقد شاهدت في هذا الجمع وفي غيره من المجتمعات اليافعية التي شاهدتها اهتمام القوم بشؤون البلدان العربية ومستقبل دولها وبخاصة مصر كما لاحظت اهتماما كبيراً بـ (( صوت العرب )) الذي تذيعه الاذاعة المصرية فهم يجتمعون حول اجهزة الراديو مساء كل يوم ليسمعوا الانباء والحوادث والارشادات التي يرسلها (( صوت العرب )) للعالم العربي .
      
     اندفع الشيخ احمد بن ابي بكر النقيب شيخ مشايخ الموسطة يتحدث حديثاً شيقاً عن رحلته في اقاصي بلاد يافع وهو من الشخصيات البارزة التي يلجأ الناس اليها حين تتعقد المشاكل وتتفاقم الخطوب وهو متحدث لبق واسع التفكير بعيد النظر وهو اذ يتكلم يحاول ان يشق طريقه الى احاسيس السامعين وصوته يعلو احياناً فيجذب الاسماع لمشيئته وينخفض احياناً فيميل بالرؤوس نحوه . ومما تجدر الاشارة اليه انه من اكبر الشخصيات الذين بذلوا جهوداً جبارة لانشاء مدرسة قعطبة التي انشأها امام اليمن لابناء يافع على الحدود .

الشيخ احمد بن ابي بكر النقيب شيخ الموسطة



جبل سنام
     
     ذهبنا الى جبل سنام ويقع على حافة التل الذي تقع عليه القدمة , وقد رافقني السيدان قاسم داود وعيدروس بن احمد النقيب , وكانت السحب كثيفة حالت دون اخذ صور لمناظر طبيعية رائعة تحيط بجبل سنام .
         
     وبدأ المطر يهطل رذاذاً, ولكن هذا لم يمنعنا عن السير الى قمة جبل سنام. ولقد شاهدنا على سفح الجبل منازل اثرية قد تناثرت احجارها وخزانات للماء منحوتة في الصخر ورأينا سرداباً منحوتاً في قمة الجبل تتخلله فتحات ضيقة قيل انه كان سجناً في عصر ما قبل الاسلام ولم نجد هناك كتابات حميرية او نقوشاً منحوتة في الصخر ,

     وقد قال لنا احد المزارعين هناك ان اباه عثر في السرداب منذ سنين على لوحة من الرخام عليها كتابات حميرية وانه أهدى هذه اللوحة الاثرية للسلطان عيدروس بن محسن العفيفي سلطان يافع السفلى .

    وعدنا الى منزل النقيب وقد لفظ النهار انفاسه وبدأت كتائب الظلام تتلاحق فشملت الكون واحتوى القدمة سكون عميق .

     كان جالساً جلسة حزينة عليها مسحة من الكبرياء عاقداً يديه تحت صدره , وعلى وجهه ابتسامة حائرة تفصح عن صراع بين إباء يشتد , ورغبة تستعر .

    - فيما تفكر ايها الشيخ الجليل ؟

    قال : محاولات الانجليز وجهودهم لاحتلال يافع ..
       
    وسكت لحظة ساد السكون فيها , ثم انبرى للحديث قائلاً :-

    …وقومنا ساهون لاهون عما يرفع مستواهم ويرقي بلادهم الى المكان اللائق بها .

     هذه الآلام تتنازع سيد الموسطة كما تتنازع قادة الضبي ولبعوس والمفلحي وغيرهم من مشايخ القبائل اليافعية .

    وسألت النقيب مرة ثانية :

    - هل هناك خطر من الغرب ؟
      
     قال : لا , فالامام لا يضمر لنا شراً ولا يحمل كرهاً ولكن حين يرى الانجليز يتوغلون في حدودنا فمن المتوقع ان يهجم علينا ليبعدهم عن حدود اليمن.

     قلت : أليس من الحكمة ان تمد اليمن قبائل يافع بالاسلحة والذخائر والمؤن لتصد هجمات الانجليز ؟

    قال ثالث وكان جالساً بجواري : ان الامام يخشى ان تستعمل يافع السلاح ضده .
      
    قلت اذن يافع بين خطرين .. وفجأة دخل علينا رسول من المحجبة يحمل خطاباً من آل هرهرة يعتذرون فيه عن قبولهم لزيارتنا بسبب غياب السلطان .

    وانتقل حديثنا من السياسة الى الطقس واعتدال الجو وخصوبة الاراضي , واسدل الليل ستاره وخيم الظلام على القدمة وقضينا زلفاً من الليل في سهرة ممتعة واحاديث مختلفة , واستمعنا الى ((صوت العرب )) وكان يهز الفضاء هزاً ويثير في النفوس حب الكفاح والنضال , ثم اتخذ كل منا مكانه ونام .

     ولما دنا الليل من ختامه نهضنا للصلاة ثم تناولنا الفطور .

    أردنا الرحيل صباح السبت الى الجهاورة ولكن الشيخ حسين صالح النقيب اصر واقسم ان نمكث اليوم كله في منزله ولم نستطع الاعتذار . والشيخ حسين من الشخصيات المحبوبة وقد عرفناه في اندونيسيا حين كنت هناك لغاية سنة 1930 وكان عضواً عاملاً في الجمعية اليافعية التي انشأناها هناك وهو من الشخصيات البارزة التي يؤخذ رأيها في اصلاح ذات البين .

الجهاورة

     وفي صباح الاحد 19 شوال غادرنا القدمة الى ضيق ( دار السنية ) حيث يقيم الجهاورة , ولقد رافقنا الشيخ احمد بن ابي بكر النقيب . الطريق وعرة وبخاصة قرب ضيك فهي تنحدر هناك انحداراً شديداً , وفي بطن الوادي تقوم مجموعتان من الدور ذات الاربع طبقات ومنهما تتكون بلدة ضيق أو دار السنية . ولقد استقبلنا الجهاورة بحفاوة بالغة واطلقوا الاعيرة النارية ترحيباً بقدومنا .

    نزلنا في دار الشيخ علي محسن الجهوري فاحتفلوا بنا كثيراً وقضينا سهرة ممتعة تجاذبنا فيها اطراف الاحاديث مع السادة محسن حسين الجهوري وعبدالله عبدالقوي وصالح عبدالقوي وغيرهم من رجالات الجهاورة ويخيل لمن يدخل ضيق انه في عزلة عن العالم فالجبال الشاهقة تحيط بالبلدة والسكون العميق يملأ هذا الوادي ولكن الراديو يقلل هذه العزلة الصامتة وهذا السكون العميق .

     في صباح الاثنين 20 شوال اتخذنا طريقنا بين التلال الشاهقة ثم اخترقنا حقول الذرة وبعد ساعة ظهرت مدينة الجربة حيث يقيم آل المفلحي وفجأة سمعنا صوت انفجار هز الفضاء المحيط بالجربة ومزق السكون العميق الذي يخيم على هذه الاخاديد السحيقة وحينما سألت رفقائي قالوا انها طلقة مدفع تحية بقدومنا .

     واستقبلونا بزامل عظيم ألقيت فيه قصائد الترحيب واطلقت آلاف الاعيرة النارية استبشاراً لقدومنا .

     وأمام دار الشيخ عبدالحميد بن عبدالرحمن المفلحي احتشدت الجموع الغفيرة والتفت الساق بالساق والقيت كلمة شكرت فيها آل المفلحي على هذه الحفاوة البالغة التي قابلونا بها وعلى هذه المشاعر النبيلة التي غمرونا بها كما وجهتهم الى الاهتمام بتعليم اولادهم والعناية بمستقبلهم ليواجهوا الحياة بسلاح العلم والمعرفة .

    ورد على كلمتنا الشاب المثقف الشيخ صالح بن عبدالحميد المفلحي بكلمة شكر وترحيب .

    نزلنا في دار الضيافة وفي مقدمتنا الشيخ عبدالحميد بن عبدالرحمن المفلحي نائب شيخ آل المفلحي وهو من اقوى الشخصيات اليافعية واكثرهم حماسة وغيرة على القومية اليافعية وحين يتكلم يبدو في حديثه بسيطاً الى اقصى حدود البساطة حتى ليدهش رائيه إذا لم يكن لديه سابق تعارف أو اذا لم تكن لديه فكرة عنه , لهذه البساطة الحبيبة كيف جمع صاحبها في يديه النفوذ على قومه وكيف ظفر بشخصية قوية تفرض على الناس احترامها .

    وسرعان ما اكتظت الدار على سعتها بالناس والكل آذان صاغية لما نسديه لهم من نصائح وما نقدمه لهم من أنباء العالم العربي . ولقد لاحظت في كل المجتمعات السابقة من بني بكر إلى الجربة ان اليافعيين يهتمون بأنباء العالم العربي كل الاهتمام ويتمنون من أعماق قلوبهم ان تحقق الوحدة العربية كل الأماني والآمال . ولم يكن هذا الشعور القومي نتيجة دعاية قام بها العرب . كلا , فالدول العربية ساهية لاهية عن جنوب الجزيرة العربية , وإنما هو ناتج عن الروح الدينية المتغلغلة في هؤلاء الناس . ولو انهم وجدوا من ينمي هذه الروح فيهم ويغذيها بكل الوسائل الممكنة لكانت روحهم العربية لأقوى واشد مما هي عليه الآن والجربة مجموعة من الدور ذات الطبقات العالية تقع على تل صخري تحيط بها أخاديد عميقة مليئة بنبات الذرة .

يتبع

تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ  15 أكتوبر 2010 الساعة: 05:12 ص 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق