كتاب جبهة الاصلاح اليافعية1
كتاب جبهة الاصلاح اليافعية
تأليف : مندعي ديان - سالم
عبدالله عبدربه
الطبعة الاولى 1992م
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
تاريخ الثورات والثوار
وكذلك الاصلاح والمصلحين يسجل بعد فترة زمنية كافية للحكم عليه واطلاق التسميات
عليه وفقاً لنتائج ومدلولاتها لحقبة .. ولكنه يسجل ايضاً على ضوء الوثائق الوقائع
والمذكرات وسرد الحوادث التي يقوم بها صناع تلك الاحداث او معاصروهم , والمؤرخ
يستند على تلك المعطيات والا لما توفر له شيء للكتابة عنه .
وفي عصرنا الحديث , وفي العالم العربي
لم تهمل أي حركة او ثورة كما أهملت أو تجوهلت احداث ثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر
اليمنيتين .. ولقد كان للتخلف الذي عاشه اليمن تحت حكم الامامة والاستعمار دور
كبير في هذا التجاهل الاعلامي والتسجيلي مع أن ثورة 26 سبتمبر جاءت في ظل حالة
انهزامية عربية كبيرة من جراء الانفصال السوري عن الجمهورية العربية المتحدة وثورة
14 اكتوبر كانت ثاني ثورة مسلحة بعد ثورة الجزائر تخوض حرباً تحررية شعبية ضد
الوجود الاستعماري في الوطن العربي … ولكن لاسباب عديدة لم تحظى الثورة اليمنية
بنفس ما حظيت به أحداث تاريخية أخرى من اهتمام من قبل الاعلام والكتاب العرب .
هذا الكتاب أحدى
الخطوات الجادة لكتابة تاريخ الثورة اليمنية , فهو يسهم في تسليط الاضواء على أحد
الاطراف المكونة للجبهة القومية التي قادت نضال شعبنا اليمني ضد الاستعمار الاجنبي
حتى تحقيق الاستقلال الوطني لاجزاء الوطن التي كانت محتلة , وهو ليس تسجيل للثورة
بكل ابعادها ولكنه جزء من العملية الكاملة لثورة 14 اكتوبر .
عندما بدأت الفكرة كان
الاخ سالم عبدالله عبد ربه وهو المعايش للاحداث متردداً لان تكوينه النفسي لا يقبل
بتجزئة الحقيقة او تلميعها وبالتالي كان لا يريد أن يسحب البساط من تحت من يدعون
الاسهام في حركة الثورة أو بطولاتها ولكنه في نفس الوقت يختزن كماً هائلاً من
الوثائق والمعلومات .. وكان لاستشهاد اعزاء له في الكفاح المسلح ورفاق له في
الجبهة خلال الفترة الماضية اثره الكبير في الموافقة على البدء بتسجيل الاحداث ,
وكان لابد من الكاتب الذي يملك الموهبة والصبر والجلد للإعداد والتحضير والمتابعة
وتحمل مشاق العمل والكتابة .. وهكذا اتفق الاخوان سالم عبدالله عبد ربه ومندعي
ديان الذي خبرناه طويلاً في العمل الكتابي الادبي , ثم الصحفي , وكذلك في نفسه
الطويل في الاعداد والمتابعة والتحليل ..وبدأت مسيرة الكتاب منذ أكثر من عامين
ونصف , وقد اعطى لها الاخ مندعي ديان بعداً كبيراً بالبحث عن الحقيقة عند معظم
الاطراف وفي البحث بين الاوراق والوثائق الكثيرة والعودة الى من عايشوا الفترة
الزمنية ذاتها والعارفين بتاريخ المنطقة القديم ومعظم ما كتب ونشر عن المنطقة
وتاريخها .. وكان نتاج ذلك هذا الجهد الطيب الماثل في صفحات الكتاب .
إن ماهو بين يديك –
عزيزي القارئ - قد يثير عدداً من الملاحظات والنقد والفرح . الغضب !! ..
ولكن ما يهم هو أن هذا الكتاب يستنفر كل المناضلين في اليمن عامة وفي جبهات القتال
الاخرى ضد الاستعمار خاصة الى كتابة ذكرياتهم وآرائهم حتى تتشكل من خلال ذلك حصيلة
قيمة امام المؤرخين في المستقبل لكتابة تاريخ الثورة اليمنية والنضالات المشرفة
للشعب اليمني من اجل الحرية والتقدم .
عندما تتداعى الذكريات
لا أنسى أول اللقاءات مع الاخ سالم عبد ربه ورفاقه في الجبهة وحماسهم وكذا تأثير
هذه البداية على ابناء يافع وتأثيرها على نشوء الوعي القومي في المنطقة وبدء
الاعتزاز بالبدايات الصغيرة .. ولا يستطيع أن يفهم هذه البدايات الصغيرة – الكبيرة
جيداً الا من عاش أوضاع يافع في تلك الفترة حيث لا تعرف اغلبيتها المطلقة ماذا
تعني الكهرباء أو المذياع أو الصحافة أو المياه النقية وغيرها من الاوضاع البائسة
التي لا يعرف بؤسها تلك الايام الا من هاجر الى عدن أو خارج اليمن ولكنه لا يستطيع
أن يشرحها لمن لم يرها خوفاً من اتهامه بالجنون لصعوبة تصور حقيقة ذلك .. كانت
قريتنا في حرب قبلية مع قرية سالم عبدالله ولكن لم يمنعنا هذا من أن نلتقي وهو يعي
– وأنا أيضاً – أن أي من الرؤوس الكبيرة لو علمت لكمنت لأي منا وقتلته وفاء لقانون
القبلية ولكنها روح البدايات العظيمة التي لا يقف الخطر عائقاً أمامها .
عرفت الأخ سالم
عبدالله ناكراً للذات محباً للعمل الجماعي فهو لا ينسب لنفسه الاحداث وحيث شارك
يتحدث باستحباء عن ذلك وستلاحظ – عزيزي القارئ – هذا من خلال الكتاب .. أما الاخ
مندعي فهو الذي اعطى جهداً لا يستهان به , واصدقكم القول إنني لم احلم بأن يخرج
هذا الكتاب بهذا الصورة الجميلة والمكثفة فقد كنت أتصوره أقل بكثير من هذا .
ماذا
عن الكتاب نفسه ؟
لا أود أن اوجه
اهتمامات القارئ أو أن احدثه مقدماً عن أمور لم يطلع عليها بعد , ولا أحب أن اضع
هنا استخلاصات ونتائج أو احكام , اراها من وجهة نظري صحيحة ومناسبة , فالقارئ وحده
فقط يستطيع الحكم على الكتاب من حيث الجهد والمحتوى والمؤرخ يستطيع الحكم عليه من
حيث الدقة والصواب .. ولكن لي كلمة فقط اتمناها :.. إن كل من شعر بأن الكتاب لم
ينصفه أو من يعتقد أن دوره قد تم التقليل منه فبالقلم والجهد يستطيع أن يثري
محتويات هذا الكتاب الكثيرة وليس تسجيل التاريخ حكراً على أحد ولكنه جملة من
الجهود الجماعية والتدوين الذي يساهم فيه افراد كثيرون وجهات عدة .. والحقيقة وحدها
هي التي تسود في النهاية .
محمد أحمد سلمان
عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ايمني
وزير الاسكان والتخطيط الحضري
صنعاء 12 نوفمبر 1990م
مقدمة المؤلفين
هذا الجهد الذي بين
يديكم حصيلة اربعة اعوام من العمل المشترك بذلنا خلالها كل ما استطعنا من عمل
وتفكير .. بدءاً بفرز الوثائق والتدقيق بمحتوياتها واعادة تذكر الوقائع والاحداث
ثم الكتابة الاولى استناداً ايضاً الى جملة من الكتب والمراجع .. واعاننا
بالمعلومات والملاحظة كثير من المشاركين في الاحداث أمثال : محمد عبدالرب جبر ,
ومحمد ناصر عبده أحمد ( جابر) . وصالح قاسم علي , وأحمد قاسم راجح وآخرون .. وكذا
عدد من المطلعين والمهتمين بتاريخ المنطقة أمثال : محمد عبداللاه البشع , وعلوي
أحمد بن سليمان , ونصر صالح بن سبعة وأخرون . ونقدم الشكر لهؤلاء وغيرهم ممن
تعانوا معنا في اغناء مضامين الكتاب ووضعه في صيغته النهائية .
فضلنا أن تقسم الكتاب
إلى اربعة اقسام : الأول تعريف بالمنطقة والنظام الذي ساد قديما فيها والمقدمات
التاريخية العامة لظهور حركة الاصلاح المنظمة , ورأينا ضرورة ذلك اذ لا يمكن
التحدث عن منطقة يجهل اوضاعها السابقة معظم القراء ولا يعرفون الواقع القبلي الذي
نشأت ونمت فيه الفتن والحروب القبلية , وخصص القسم الثاني من الكتاب للعمل
الاصلاحي العلني , بداياته ونموه وتوسعه , والمصاعب التي واجهته مع قراءة لبعض
الوثائق النقدية للجبهة الاصلاحية وقراءة للاشعار المعبرة عن ظروف وتطلعات تلك
المرحلة التاريخية المعنية ثم استعراض ادبي للمنطلقات الفكرية لجبهة الاصلاح
اليافعية مستندين على اعداد من جريدة " الاصلاح " التي كانت عوناً طيباً
لنا .
أما القسم الثالث فخصص
اساساً للعمل التحرري للجبهة الاصلاحية , وهو يسلط الاضواء على جوانب عدة من تاريخ
" الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل " في المنطقة وخارجها , ولكن
بتركيز على دور الجبهة الاصلاحية كشعبة للجبهة القومية في المنطقة مع عدم اغفال أو
اهمال الاطر أو الاشكال الاخرى لعمل الجبهة القومية في المنطقة ..ومع ان نصوص
الكثير من الوثائق او اجزاء منها جاءت في سياق اقسام الكتاب الثلاثة الاولى الا ان
الضرورة استدعت أن نخصص القسم الرابع للوثائق الواردة سابقاً والتي لم تورد وهي
اكبر بكثير من سابقاته , وترد في نفس القسم صور يزيد عمرها عن 25 عاماً .
طبيعي أنه لا يمكن
تقييم محتويات الكتاب الا بعد القراءة المتأنية له ولكن يمكننا القول , منذ
البداية , اننا ما هدفنا من وضع الكتاب شهرة منطقة " يافع " فنفس
الكتابة لا يقع في مطب المناطقية والتحليلات وطرق التناول تنم عن محاولة لدراسة
النظام القبلي في اليمن والنواة الاصلاحية فيه بل ووضع لبنة باتجاه ذلك , وتأريخ
ظهور منظمة اصلاحية سياسية في ظل واقع قبلي معقد تنعكس من خلاله الاوضاع
والارهاصات التي شهدها مجتمعنا اليمني في بداية الستينات .. والكتاب ايضاً لبنة في
بناء تاريخ الجبهة القومية الذي لم يرتفع خلال الفترة الماضية .
والكتاب لا يهدف ايضاً
إلى شهرة اسماء معينة لاننا وضعنا الاحداث ومدلولاتها نصب اعيننا ولم نورد الاسماء
الا حيث اقتضى الامر .. جاء حجم الكتاب أكبر مما كان متوقعاً . ولعل حرصنا على
مخاطبة القارئ اليمني في كل بقعة من اليمن الحبيب بما يفيده دفعنا إلى تعميم
المعلومات والتحليلات كمحاولات فهم الحياة القبلية والسلطة في المجتمع القبلي
واسباب الفتن والحروب القبلية والاعراف والعادات والتقاليد المتصلة بها , وكذا
الوسائل والاساليب التي اتبعتها الجبهة الاصلاحية التي قمنا بتوضيح توجهاتها
الفكرية القائمة على نبذ القبلية والتحرر من الاستعمار وتحقيق وحدة الوطن اليمني .
عبر ما أوردناه آنفاً
لا نقصد الترويج للكتاب على صفحاته الأولى ولكنها دعوة صادقة وأمنية للقراءة
المتمعنة الخالية من أي احكام مسبقة , ايجابية كانت أو سلبية , فهذا الاسلوب وحده
وهو الكفيل بنيل المتعة والفائدة ,, وبعد ذلك يمكن ابداء أية ملاحظات كانت فنحن لا
ندعي الكمال فيما عملناه ونفتح صدورنا للكل لاضافة معلومات جديدة أو اسماء لمشاركين
اساسيين في حدث أو هيئة ما ذكرنا اسماء القائمين به أو العاملين فيه , أو احداث
ووقائع تأتي في سياق مواضيع تناولناها ولم نذكرها لعدم تمكننا من الحصول عليها ,
أو حتى تزويدنا بأي ملاحظات تصلح من اخطاء وقعنا به هنا أو هناك .. هذا كله لا
يعني التنصل من جدية البحث والكتابة ولكنه يرمي إلى دراسة كل الملاحظات التي نأمل
أن تصلنا وغربلتها والاستفادة منها في تحسين محتويات الطبعة اللاحقة .
ولابد من الاشارة هنا
إلى اننا اعتمدنا اسم " جبهة الاصلاح اليافعية " , الاسم الاساسي للجبهة
الاصلاحية المعبر عن كامل تاريخها العلني والسري , والاصلاحي والثوري , وبما
يتطابق مع مادة بحثنا في الكتاب .. ولم نعتمد اسم " جبهة ابناء يافع
الاصلاحية " لإنه يعبر عن النشاط الاصلاحي العلني فقط , وسيكون ذلك واضحاً
بما فيه الكفاية من خلال الاطلاع على شقي أو اتجاهي عمل الجبهة الاصلاحية الذين لا
ينفصل أحدهما عن الآخر .
في الأخير نأمل أن
نكون وفقنا لما فيه فائدة ومنفعة المؤرخين والباحثين والمهتمين والقراء جميعاً
وبما يصب في مجرى تأريخ اليمن المعاصر .. ولا يفوتنا – هنا – إن نعبر عن شكرنا
للأخ محمد احمد سلمان صاحب فكرة تعاوننا في هذا العمل وكنا عبرنا عن تقديرنا له
بأن طلبنا منه وضع مقدمة الكتاب .
المؤلفان
يتبع
تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ 15 ابريل 2012 الساعة: 07:04 ص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق