الأحد، 22 مارس 2015

تعريف : منطقة يافع-كتاب جبهة الاصلاح اليافعية2

 كتاب جبهة الاصلاح اليافعية2

تعريف : منطقة يافع


كتاب: جبهة الاصلاح اليافعية
تأليف : سالم عبد الله عبد ربه - مندعي ديان
الطبعة الاولى 1992م



القسم الاول

تطور النظام القبلي في يافع

منطقة يافع - تعريف



    دواعي وضع هذا الكتاب يمكن تلخيصها في محورين رئيسيين:

    أولهما : - ان جبهة الاصلاح اليافعية التي قامت في 13 ابريل 1963م .

    تشكل تجربة وطنية لها جذورها التاريخية , وخصائصها المحلية , وأبعادها التحررية والقومية , كونها أحدى التنظيمات السبعة التي شكلت تحالفاً في اطار الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل التي بدأت الثورة المسلحة ضد الاستعمار البريطاني في 14 أكتوبر 1963م , وخاضت نضالاً عنيداً حتى نيل الاستقلال الوطني للجزء المحتل من الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967م .

    وإذا كان لا خلاف على ذلك فإن الداعي جاء لإن تاريخ الجبهة ظل – كما هو حال الكثير من جوانب تاريخ شعبنا اليمني الحديث – حبيس الذاكرة وطي ادراج النسيان فطوال الفترة الماضية لم يسلط الضوء على الجبهة الا فيما ندر ومن خلال ذكريات شخصية أو احاديث عابرة عن تاريخ الثورة وبدايتها … ولم يصل الامر قط إلى حد التحليل العلمي الاولى لها كتجربة تاريخية هامة , كونها بدأت كحركة اصلاحية – في وسط المعمان القبلي – ولم يشهد اليمن لها مثيلاً من قبل .

    ثانيهما :- تركزت الدراسات والابحاث عن القبائل اليمنية حول اصولها وجذورها وفروعها , واتسمت بتناول تاريخها القديم ( ما قبل الاسلام ) وتاريخها الحديث وخاصة خلال العقود الماضية ولم تتناول بالاهمية المجتمع القبلي في اليمن وما طرأت عليه من تغييرات وتبدلات وخاصة منذ خمسينيات وستينيات القرن الحالي ما عدى دراسات وكتابات قليلة جداً انطلقت أكثرها من موقف العداء للقبيلة أو موقف التزمت لها , ولم يؤخذ المجتمع القبلي بمنظار علمي كونه يحمل جملة من العوامل والمظاهر السلبية والايجابية على حد سواء … ولهذا افردنا الجزء الأول من الكتاب لدراسة تطور النظام القبلي في منطقة "يافع" الذي يعد جزءاً من النظام القبلي في اليمن كلها يعكس جوانب هامة منه .

    وبإتجاه تلبية تلك الدواعي التي يجيء الكتاب من اجلها , فإنه يلزمنا في البداية أن نعطي القاريء الكريم بعضاً من التوضيحات عن منطقة "يافع" منشأ الجبهة الاصلاحية , وأن نصفها جغرافياً وتاريخياً مع إيراد نماذج من النزاعات والحروب القبلية التي دارت فيها , وأسباب نشوب الفتن القبلية وأثرها على حياة أبناء المنطقة … ولابد من اعطاء صورة عن أهم العادات والتقاليد القبلية المتصلة بالفتن وازالتها … وكل هذه المعلومات ضرورية مقدماً لكي يتم ادراك الظروف والاجواء التاريخية التي نشأت فيها جبهة الاصلاح اليافعية .

    منطقة يافع من المناطق اليمنية المعروفة عبر التاريخ , وهي تشمل المناطق التالية : لبعوس وضبي والمفلحي والحضارم والموسطة والحد والسعدي وكلد واليزيدي ويهر وذي ناخب وامشقي وخنفر والحصن وباتيس . وتحدها من الشمال البيضاء ومكيراس وبلاد آل الحميقاني , ومن الغرب ردفان والضالع وحالمين , ومن الشرق مكيراس ولودر , ومن الجنوب أبين ( بلاد أهل فضل ) .. هذا حتى منتصف الستينيات , ما قبل ذلك لم نستطيع الحصول على تفاصيل مبرهنة بمناطق يافع حيث يقال بأنها كانت تشمل مناطق كثيرة غير تلك التي ذكرناها آنفاً .. ويافع منطقة جبلية تمتاز جبالها بشدة الارتفاع والانحناء ويربط البعض بين تسميتها وطبيعتها الجغرافية "فاليفع أو اليفاع هو التل المشرف أو كل ما أرتفع من الارض" و "اليافعات من الامور" ما علا من الاشياء بشدة مزعجة , والجبال اليافعية تعني : الجبال الشامخة .

    وتبعد يافع عن صنعاء عاصمة اليمن بحوالي 150 كيلومتراً في خط مستقيم وتبعد عن عدن بما يقارب 40 كيلومتراً في خط مستقيم . ومعظم مساحتها جبال شاهقة اعلاها جبل " ثمر " الذي يرتفع عن سطح البحر بـ 8245 قدماً , وتتميز بشدة انحدار تضاريسها الجبلية الحال الذي لم يمكن من مد طريق للسيارات اليها الا بطريق ترابية شقت في بداية السبعينات , وكان تنقل الافراد ونقل المواد يتم عن طريق المشي واستخدام الجمال والحمير .. وبرغم قساوة التضاريس الجغرافية ليافع الا أن اودبة خضراء تنتشر في كل نواحيها ومنها ما يطول امتداده كثيراً كوادي " يهر " ووادي " حطيب " ووادي " ذي ناخب " وغيرها .

    ولا تعتمد الزراعة كلياً على الوديان واراضيها المسطحة بل أن معظمها يقوم في المدرجات الزراعية التي يبدأ تشييدها بمحاذاة الوديان حتى وصلت إلى أعالي الجبال , وتتميز المدرجات الزراعية في يافع عن نظيراتها في بقية انحاء اليمن ببناء اليمن ببناء جدران حجرية تحتضن تربة المدرج وتحميه من التداعي بسبب الانحدار الشديد أو حماية من سيول الامطار الغزيرة .. لهذا فإن الاراضي الزراعية في المنطقة شحيحة جداً اذا ما استثنينا الاراضي الزراعية الشاسعة التي تشكل الجزء الأكبر من دلتا أبين والتي كانت تابعة لما كانت تسمى سلطنة " يافع بني قاصد " وادخلت اليها زراعة القطن من قبل الادارة البريطانية في بداية الاربعينيات من هذا القرن .

    وقد عرف الحسن بن أحمد الهمداني يافع في كتابه ( صفة جزيرة العرب ) بأنها : " سرو حمير" , وال " سرو " في اللهجة العربية الجنوبية القديمة تعني : الهضبة . وحدد الهمداني في كتابه حدود يافع آنذاك بأنها تشمل مساحة المناطق التالية :- يافع ويافع بني قاصد وردفان والضالع والشعيب والمفلحي وجبن .. أما جواد علي فعرفها في كتابه ( تاريخ العرب قبل الاسلام ) بأنها " نجد حمير " واشار إلى أنها المناطق التي يمر بها وادي بنا الذي يعتبر وادياً رئيسياً يتجمع في مرتفعات اليمن الوسطى ويشق مجراه في مناطق لحج وأبين الجبلية ثم الساحلية وقد سمي " نجد حمير " لأنه – حسب الدكتور جواد – يشمل مناطق نشأت فيها الدولة الحميرية .

    وتهطل الامطار على منطقة يافع في موسمين سنوياً : الصيف والخريف .. وتهطل في الصيف بسبب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية , وكذلك الحال في موسم امطار الخريف حيث تنزل الامطار على مرتفعات اليمن الوسطى بما فيها يافع لتروي الارض وتذهب سيولها الجارفة في مجرى وادي " بنا " حتى تصل إلى اراضي دلتا أبين فيستفاد من جزء منها ويذهب الجزء الآخر هدراً إلى بحر العرب .. كما تنساب سيول يسيرة عبر وادي " حسان " لتروي اراضي شرق الدلتا " أبين " .

    وتتمتع يافع بطقس جيد , كما هو حال كل مرتفعات اليمن , معتدل صيفاً حين تكون المناطق الساحلية من اليمن حارة جداً , وبارد شتاءاً حين تكون المناطق الساحلية معتدلة الجو إلى حد ما .. ويسبب من هذا ومواسم الامطار فإن المحاصيل الزراعية متعددة متنوعة أهمها البن اليمني المشهور والحبوب بأنواعها وخاصة الذرة , وتنتشر زراعة القات وأنواع شتى من البقوليات كالسمسم وغيره , وبعض الفواكه كالدوم والفرسك والبلس والتين والموز والباباي و " الترنج " وهو من الحمضيات البرية , وكذلك خضروات متنوعة … وقد ساعدت على انتعاش الزراعة الدائم في المنطقة براعة ودقة قنوات الري وخبرة الفلاحة العريقة المكتسبة عبر توارث الاجيال .

    وتعتبر الزراعة المجال الرئيسي لاشتغال السكان تليها الهجرة طلباً للرزق ورعي الاغنام كعمل تقدم عليه كل اسرة , ثم يأتي الاشتغال بالبناء والتشييد , ورغم أنه يعتمد على المواد المحلية حتى وقت قريب الا ان طرق البناء في يافع مشهور في ارجاء اليمن لانها تتفرد بإتقان ومتانة رفيعين , ويصل ارتفاع المباني إلى سبعة وثمانية طوابق من البناء الحجري المتين الذي يصل في متانته إلى مستوى القلاع والحصون الحربية , ولذلك اسباب أخرى , غير الوقاية من البرد وأطالة عمر المباني , تعود إلى واقع العهود الماضية المليئة بالحروب والاقتتال والتي لم تحدد قوة البناء فقط بل ومواقع البناء التي كانت تتم في الغالب على المرتفعات وقمم الجبال الشاهقة .. ولهذه المهنة ممتهنون معروفون في كل انحاء المنطقة وأشهرهم " آل بن صلاح " . وقد انتشر طراز البناء اليافعي في مناطق يمنية عديدة منها : البيضاء والزاهر وآل الحميقان ومودية وابين وأحور والعوالق , ولم يلق هذا الطراز اليمني الرفيع الاهتمام العلمي الكافي حتى الآن .

    وتشير الكثير من الدلائل إلى أن منطقة يافع ظلت طوال العهود الماضية مكتضة بالسكان لاسباب كثيرة منها تزويج الشبان والشابات وهم لم يتعدوا سن المراهقة كعادة اجتماعية تمنعهم من الطيش , والميل إلى الانجاب المبكر وعدم الحد منه بل أن انجاب أكبر عدد من الابناء وخاصة الذكور يعد حسب التقاليد مفخرة للابوين امام الجميع .. أورد الكاتب العربي اليمني صلاح البكري في كتابه " في جنوب الجزيرة العربية " الصادرة في مصر عام 1949م . ان عدد سكان يافع بلغ – حينذاك – حوالي 140 ألف نسمة , وللعلم أن صلاح البكري عليم بأمور المنطقة لأن آبائه يمنيين هاجروا من يافع إلى اندنوسيا , وفي كتاب لأحد الباحثين المصريين عن اليمن أعده في النصف الأول من الستينيات ورد أن سكان المنطقة يبلغ تعدادهم 180 ألف نسمة .

    ومع أنه يستبعد أن يكون الاحصاء الوارد دقيقاً الا أنه يدل على مؤشر اكتظاظ المنطقة بالسكان نظراً لأن ما كان يسمى حينها بالجنوب اليمني لم يتعد عدد سكانه الاجمالي المليون والربع مليون نسمة .

    والهدف من ايراد الارقام للكثافة السكانية المتزايدة في المنطقة هو الأكيد على وجود تناقض حاد فيما بينها , من جهة , وبقاء الاراضي الزراعية عند مستوى محدوديتها بسبب عدم بناء مدرجات زراعية جديدة نتيجة لقلة التربة وضيق المساحة , من جهة أخرى .. هذا التناقض ظل عاملاً مؤثراً رئيسياً في حياة المنطقة منذ عهود غابرة قد تمتد إلى ألفين عام مضت , وشكل دافعاً للانتقال في أرجاء اليمن وخاصة إلى مناطق لحج وحضرموت وأبين والهجرة إلى خارج اليمن وبالذات إلى الجزيرة العربية وشرق افريقيا والهند وباكستان واندنوسيا وسنغافورا وغيرها من بلدان العالم .. والواقع أن استعراض هذه الحالة يعطي نموذجاً للاوضاع التي عاشتها الكثير من مناطق اليمن وأدت  باليمنيين إلى الانتشار في أرجاء المعمورة سعياً وراء توفر متطلبات الحياة الاساسية بسبب من الفقر والرقعة الزراعية المحدودة .

    واذا استمرينا في تناول هذا ( النموذج اليمني ) فلسنا بحاجة إلى دراسة ظاهرتي الانتقال والهجرة التي كثرت , سواء بسبب من التناقض الذي أوردناه آنفاً , أو بفعل العوامل الطارئة وخاصة حدوث الجفاف في اواسط اليمن أحياناً أو المتغيرات السياسية كتلك التي حدثت اثناء توسع الدولة الحميرية وتفسخها والفتوحات الاسلامية وصراع الدويلات اليمنية … الخ لكننا نهدف من كل ما ذكر توضيح مسألتين هامتين ترتبطان بركود واقع المنطقة وبقاء النظام القبلي قوياً فيها وهما :-

    أولاً : - الظروف الاقتصادية الصعبة والمعقدة للمنطقة كانت عاملاً جوهرياً في بقاء الاوضاع الاجتماعية والسياسية متخلفة على ما هي عليه دون تبدل أو تغير أساسي.

    ثانياً : - الحالة الاقتصادية والسياسية للمناطق التي يتم الانتقال اليها في اليمن أو حتى تلك البلدان في ارجاء المعمورة كانت تتسم بالعلاقات القبلية والاقطاعية والبدائية وكانت اليمن كلها بما فيها المنطقة مليئة بالاقتتال والحروب . وبذلك لم يؤديا الانتقال والهجرة إلى تقدم المنطقة بل اديا إلى بقاء النظام القبلي فيها متماسكاً عبر زمن طويل وجاء تأثير الهجرة ضعيفاً غير قادر على احداث تغيير , وجاء تأثير الانتقال في نطاق الوطن اليمني سلبياً ايضاً للشعور بالحاجة المستمرة إلى النظام القبلي لحماية المنطقة من أي غزوات قبلية أو طائفية .

    والواقع أن الامور بقيت على منوالها هذا إلى أن ظهرت الحركة الاصلاحية في المنطقة لتبدأ التحرك الفعلي بعد أن ايقظتا ثورتي 23 يوليو المصرية 1952م و26 سبتمبر اليمنية 1962م المشاعر والافكار ثم جاءت ثورة 14 أكتوبر 1963م . ليبدأ العمل الفعلي لوضع اسس جديدة لواقع الانحاء الجنوبية من اليمن , وكان لطرد الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن في الثلاثين من نوفمبر 1967م وقيام الدولة اليمنية الثانية في الشطر الجنوبي ( جمهورية اليمن الدمقراطية الشعبية ) الفضل في فتح عهد جديد لجنوب اليمن ومنه منطقة يافع التي كانت قلعة جبلية معزولة تماماً عن العالم على الرغم من الهجرة الواسعة والقديمة العهد لابنائها … فلأول مرة شقت اليها طرقا للسيارات وبدأ مد طرق فرعية تربط بين قراها المتناثرة بعد أن كانت الارجل والحمير والجمال وسائل الترحال والتنقل المتعبة … ولأول مرة دخلت الكهرباء إلى المنطقة لتضفي على حياة الناس الكثير من مظاهر المدنية والتطور والالتحام التدريجي بالعصر الحديث .. ولأول مرة جرى ضمان الحقوق الاساسية للمرأة قانونياً , هذه المرأة التي اضطلعت بالمشاركة الفاعلة في مختلف نواحي الحياة في المنطقة منذ القدم ابتداء من الاعمال المنزلية الشاقة وانتهاء بجمع الحطب واشغال فلاحة الارض بأنواعها , وهي التي لم تعرف الحجاب ( الشرشف ) لكن وضعها ومكانتها الاجتماعيين ظلا ادنى من الرجل كالحال في سائر انحاء اليمن بالرغم من دورها الهام في الحياة الاقتصادية للمنطقة .

    والجديد الهام جداً في التغيير الجذري الشامل في اوضاع المنطقة هو بسط سيادة القانون , واقامة المحاكم الجزئية , والعمل بأنظمة مساواة جديدة لا تفرق بين سلطان وعبد , أو شيخ وقبيلي , وأصبح كل المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات .. وكل هذا شكل وجوداً اولياً لأشكال تواجد سلطة الدولة في المنطقة وذلك لاول مرة في تاريخها فمنذ نوفمبر 1967م بدأت المحاكم الجزئية بالعمل ومنذ سبتمبر 1967م كان قد وجد مركز قيادة اداري سياسي للمنطقة . وشرعت لجان الاصلاح ولجان الارض ولجان المبادرات في تلك الفترة في تحديد نظم وأساليب حياة جديدة في المنطقة .

    ومن الأهمية بمكان الاشارة إلى أن الانظمة والقوانين المركزية التي انزلت تباعاً على ارضية المنطقة لم تواجه بأي معارضة جماعية تذكر ما عدى بعض التمردات الفردية الفوضوية النادرة الحدوث … وبشكل عام وجدت ترحيباً حقيقياً من قبل ابناء المنطقة الذين لم يشهدوا قط نظاماً للدولة بل تعودوا في حياتهم كلها على النظام القبلي اللامركزي وأعرافه وتقاليده , ولعل هذا جدير باهتمام أكبر من قبلنا في موضع آخر قادم في الكتاب بيد اننا نؤكد هنا أن تقبل الناس لاشكال واساليب ادارة الدولة للمجتمع جاء ميسرأً على عكس توقعات الكثير حينها , بل ومعاضداً ومدعماً للجديد القادم بسبب كره الناس ومعاناتهم من سلبيات الحياة القبلية الماضية التي جاءت كافرازات طبيعية للجزء الخاطئ من العادات والتقاليد والاعراف القبلية ..وفي نفس الوقت فإن الجزء الايجابي الصائب من تلك العادات والتقاليد القبلية الذي يحمل مضامين انسانية عميقة كالمساواة وعدم الانصياع للظلم وحب الخير وغيرها , مما اسهم في وجود حالتي تفهم وتقبل لدى الناس بدلاً من تصارع القبائل وتطاحنها مع بعضها , والتخلي عن حالة التخوف التي كانت تنتابهم عندما كان يدور الحديث عن الخضوع لسلطة دولة تعطي اوامرها من خارج المنطقة وهم الذين قاوموا بعنف أن يخضعوا هم ومنطقتهم سواء لدولة الامامة لاسرة آل حميد الدين في شمال البلاد أو للدولة الاستعمارية الاوربية ( البريطانية ) التي وضعت انيابها على جنوب البلاد .

    وخلاصة لما ورد فإن عام 1967م . كان العام الفاصل بين مرحلتين في حياة المنطقة , مرحلة ما قبله وهي حياة لم تتعد طابع العيش في القرون الوسطى , ومرحلة ما بعده وهي حياة الخروج من غياهب الماضي وبدء الولوج إلى حياة العصر المتقدمة .

يتبع



تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ 16 ابريل 2012 الساعة: 07:03 ص

الثلاثاء، 10 مارس 2015

المقدمة - كتاب جبهة الاصلاح اليافعية1

كتاب جبهة الاصلاح اليافعية1



كتاب جبهة الاصلاح اليافعية  
تأليف : مندعي ديان - سالم عبدالله عبدربه
الطبعة الاولى 1992م



بسم الله الرحمن الرحيم

          مقدمة

    تاريخ الثورات والثوار وكذلك الاصلاح والمصلحين يسجل بعد فترة زمنية كافية للحكم عليه واطلاق التسميات عليه وفقاً لنتائج ومدلولاتها لحقبة .. ولكنه يسجل ايضاً على ضوء الوثائق الوقائع والمذكرات وسرد الحوادث التي يقوم بها صناع تلك الاحداث او معاصروهم , والمؤرخ يستند على تلك المعطيات والا لما توفر له شيء للكتابة عنه .

    وفي عصرنا الحديث , وفي العالم العربي لم تهمل أي حركة او ثورة كما أهملت أو تجوهلت احداث ثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر اليمنيتين .. ولقد كان للتخلف الذي عاشه اليمن تحت حكم الامامة والاستعمار دور كبير في هذا التجاهل الاعلامي والتسجيلي مع أن ثورة 26 سبتمبر جاءت في ظل حالة انهزامية عربية كبيرة من جراء الانفصال السوري عن الجمهورية العربية المتحدة وثورة 14 اكتوبر كانت ثاني ثورة مسلحة بعد ثورة الجزائر تخوض حرباً تحررية شعبية ضد الوجود الاستعماري في الوطن العربي … ولكن لاسباب عديدة لم تحظى الثورة اليمنية بنفس ما حظيت به أحداث تاريخية أخرى من اهتمام من قبل الاعلام والكتاب العرب .

    هذا الكتاب أحدى الخطوات الجادة لكتابة تاريخ الثورة اليمنية , فهو يسهم في تسليط الاضواء على أحد الاطراف المكونة للجبهة القومية التي قادت نضال شعبنا اليمني ضد الاستعمار الاجنبي حتى تحقيق الاستقلال الوطني لاجزاء الوطن التي كانت محتلة , وهو ليس تسجيل للثورة بكل ابعادها ولكنه جزء من العملية الكاملة لثورة 14 اكتوبر .

    عندما بدأت الفكرة كان الاخ سالم عبدالله عبد ربه وهو المعايش للاحداث متردداً لان تكوينه النفسي لا يقبل بتجزئة الحقيقة او تلميعها وبالتالي كان لا يريد أن يسحب البساط من تحت من يدعون الاسهام في حركة الثورة أو بطولاتها ولكنه في نفس الوقت يختزن كماً هائلاً من الوثائق والمعلومات .. وكان لاستشهاد اعزاء له في الكفاح المسلح ورفاق له في الجبهة خلال الفترة الماضية اثره الكبير في الموافقة على البدء بتسجيل الاحداث , وكان لابد من الكاتب الذي يملك الموهبة والصبر والجلد للإعداد والتحضير والمتابعة وتحمل مشاق العمل والكتابة .. وهكذا اتفق الاخوان سالم عبدالله عبد ربه ومندعي ديان الذي خبرناه طويلاً في العمل الكتابي الادبي , ثم الصحفي , وكذلك في نفسه الطويل في الاعداد والمتابعة والتحليل ..وبدأت مسيرة الكتاب منذ أكثر من عامين ونصف , وقد اعطى لها الاخ مندعي ديان بعداً كبيراً بالبحث عن الحقيقة عند معظم الاطراف وفي البحث بين الاوراق والوثائق الكثيرة والعودة الى من عايشوا الفترة الزمنية ذاتها والعارفين بتاريخ المنطقة القديم ومعظم ما كتب ونشر عن المنطقة وتاريخها .. وكان نتاج ذلك هذا الجهد الطيب الماثل في صفحات الكتاب .

    إن ماهو بين يديك – عزيزي القارئ  - قد يثير عدداً من الملاحظات والنقد والفرح . الغضب !! .. ولكن ما يهم هو أن هذا الكتاب يستنفر كل المناضلين في اليمن عامة وفي جبهات القتال الاخرى ضد الاستعمار خاصة الى كتابة ذكرياتهم وآرائهم حتى تتشكل من خلال ذلك حصيلة قيمة امام المؤرخين في المستقبل لكتابة تاريخ الثورة اليمنية والنضالات المشرفة للشعب اليمني من اجل الحرية والتقدم .

    عندما تتداعى الذكريات لا أنسى أول اللقاءات مع الاخ سالم عبد ربه ورفاقه في الجبهة وحماسهم وكذا تأثير هذه البداية على ابناء يافع وتأثيرها على نشوء الوعي القومي في المنطقة وبدء الاعتزاز بالبدايات الصغيرة .. ولا يستطيع أن يفهم هذه البدايات الصغيرة – الكبيرة جيداً الا من عاش أوضاع يافع في تلك الفترة حيث لا تعرف اغلبيتها المطلقة ماذا تعني الكهرباء أو المذياع أو الصحافة أو المياه النقية وغيرها من الاوضاع البائسة التي لا يعرف بؤسها تلك الايام الا من هاجر الى عدن أو خارج اليمن ولكنه لا يستطيع أن يشرحها لمن لم يرها خوفاً من اتهامه بالجنون لصعوبة تصور حقيقة ذلك .. كانت قريتنا في حرب قبلية مع قرية سالم عبدالله ولكن لم يمنعنا هذا من أن نلتقي وهو يعي – وأنا أيضاً – أن أي من الرؤوس الكبيرة لو علمت لكمنت لأي منا وقتلته وفاء لقانون القبلية ولكنها روح البدايات العظيمة التي لا يقف الخطر عائقاً أمامها .

    عرفت الأخ سالم عبدالله ناكراً للذات محباً للعمل الجماعي فهو لا ينسب لنفسه الاحداث وحيث شارك يتحدث باستحباء عن ذلك وستلاحظ – عزيزي القارئ – هذا من خلال الكتاب .. أما الاخ مندعي فهو الذي اعطى جهداً لا يستهان به , واصدقكم القول إنني لم احلم بأن يخرج هذا الكتاب بهذا الصورة الجميلة والمكثفة فقد كنت أتصوره أقل بكثير من هذا .

    ماذا عن الكتاب نفسه ؟

    لا أود أن اوجه اهتمامات القارئ أو أن احدثه مقدماً عن أمور لم يطلع عليها بعد , ولا أحب أن اضع هنا استخلاصات ونتائج أو احكام , اراها من وجهة نظري صحيحة ومناسبة , فالقارئ وحده فقط يستطيع الحكم على الكتاب من حيث الجهد والمحتوى والمؤرخ يستطيع الحكم عليه من حيث الدقة والصواب .. ولكن لي كلمة فقط اتمناها :.. إن كل من شعر بأن الكتاب لم ينصفه أو من يعتقد أن دوره قد تم التقليل منه فبالقلم والجهد يستطيع أن يثري محتويات هذا الكتاب الكثيرة وليس تسجيل التاريخ حكراً على أحد ولكنه جملة من الجهود الجماعية والتدوين الذي يساهم فيه افراد كثيرون وجهات عدة .. والحقيقة وحدها هي التي تسود في النهاية .

محمد أحمد سلمان
عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ايمني
وزير الاسكان والتخطيط الحضري
صنعاء 12 نوفمبر 1990م



مقدمة المؤلفين

    هذا الجهد الذي بين يديكم حصيلة اربعة اعوام من العمل المشترك بذلنا خلالها كل ما استطعنا من عمل وتفكير .. بدءاً بفرز الوثائق والتدقيق بمحتوياتها واعادة تذكر الوقائع والاحداث ثم الكتابة الاولى استناداً ايضاً الى جملة من الكتب والمراجع .. واعاننا بالمعلومات والملاحظة كثير من المشاركين في الاحداث أمثال : محمد عبدالرب جبر , ومحمد ناصر عبده أحمد ( جابر) . وصالح قاسم علي , وأحمد قاسم راجح وآخرون .. وكذا عدد من المطلعين والمهتمين بتاريخ المنطقة أمثال : محمد عبداللاه البشع , وعلوي أحمد بن سليمان , ونصر صالح بن سبعة وأخرون . ونقدم الشكر لهؤلاء وغيرهم ممن تعانوا معنا في اغناء مضامين الكتاب ووضعه في صيغته النهائية .

    فضلنا أن تقسم الكتاب إلى اربعة اقسام : الأول تعريف بالمنطقة والنظام الذي ساد قديما فيها والمقدمات التاريخية العامة لظهور حركة الاصلاح المنظمة , ورأينا ضرورة ذلك اذ لا يمكن التحدث عن منطقة يجهل اوضاعها السابقة معظم القراء ولا يعرفون الواقع القبلي الذي نشأت ونمت فيه الفتن والحروب القبلية , وخصص القسم الثاني من الكتاب للعمل الاصلاحي العلني , بداياته ونموه وتوسعه , والمصاعب التي واجهته مع قراءة لبعض الوثائق النقدية للجبهة الاصلاحية وقراءة للاشعار المعبرة عن ظروف وتطلعات تلك المرحلة التاريخية المعنية ثم استعراض ادبي للمنطلقات الفكرية لجبهة الاصلاح اليافعية مستندين على اعداد من جريدة " الاصلاح " التي كانت عوناً طيباً لنا .

    أما القسم الثالث فخصص اساساً للعمل التحرري للجبهة الاصلاحية , وهو يسلط الاضواء على جوانب عدة من تاريخ " الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل " في المنطقة وخارجها , ولكن بتركيز على دور الجبهة الاصلاحية كشعبة للجبهة القومية في المنطقة مع عدم اغفال أو اهمال الاطر أو الاشكال الاخرى لعمل الجبهة القومية في المنطقة ..ومع ان نصوص الكثير من الوثائق او اجزاء منها جاءت في سياق اقسام الكتاب الثلاثة الاولى الا ان الضرورة استدعت أن نخصص القسم الرابع للوثائق الواردة سابقاً والتي لم تورد وهي اكبر بكثير من سابقاته , وترد في نفس القسم صور يزيد عمرها عن 25 عاماً .

    طبيعي أنه لا يمكن تقييم محتويات الكتاب الا بعد القراءة المتأنية له ولكن يمكننا القول , منذ البداية , اننا ما هدفنا من وضع الكتاب شهرة منطقة " يافع " فنفس الكتابة لا يقع في مطب المناطقية والتحليلات وطرق التناول تنم عن محاولة لدراسة النظام القبلي في اليمن والنواة الاصلاحية فيه بل ووضع لبنة باتجاه ذلك , وتأريخ ظهور منظمة اصلاحية سياسية في ظل واقع قبلي معقد تنعكس من خلاله الاوضاع  والارهاصات التي شهدها مجتمعنا اليمني في بداية الستينات .. والكتاب ايضاً لبنة في بناء تاريخ الجبهة القومية الذي لم يرتفع خلال الفترة الماضية .

    والكتاب لا يهدف ايضاً إلى شهرة اسماء معينة لاننا وضعنا الاحداث ومدلولاتها نصب اعيننا ولم نورد الاسماء الا حيث اقتضى الامر .. جاء حجم الكتاب أكبر مما كان متوقعاً . ولعل حرصنا على مخاطبة القارئ اليمني في كل بقعة من اليمن الحبيب بما يفيده دفعنا إلى تعميم المعلومات والتحليلات كمحاولات فهم الحياة القبلية والسلطة في المجتمع القبلي واسباب الفتن والحروب القبلية والاعراف والعادات والتقاليد المتصلة بها , وكذا الوسائل والاساليب التي اتبعتها الجبهة الاصلاحية التي قمنا بتوضيح توجهاتها الفكرية القائمة على نبذ القبلية والتحرر من الاستعمار وتحقيق وحدة الوطن اليمني .

    عبر ما أوردناه آنفاً لا نقصد الترويج للكتاب على صفحاته الأولى ولكنها دعوة صادقة وأمنية للقراءة المتمعنة الخالية من أي احكام مسبقة , ايجابية كانت أو سلبية , فهذا الاسلوب وحده وهو الكفيل بنيل المتعة والفائدة ,, وبعد ذلك يمكن ابداء أية ملاحظات كانت فنحن لا ندعي الكمال فيما عملناه ونفتح صدورنا للكل لاضافة معلومات جديدة أو اسماء لمشاركين اساسيين في حدث أو هيئة ما ذكرنا اسماء القائمين به أو العاملين فيه , أو احداث ووقائع تأتي في سياق مواضيع تناولناها ولم نذكرها لعدم تمكننا من الحصول عليها , أو حتى تزويدنا بأي ملاحظات تصلح من اخطاء وقعنا به هنا أو هناك .. هذا كله لا يعني التنصل من جدية البحث والكتابة ولكنه يرمي إلى دراسة كل الملاحظات التي نأمل أن تصلنا وغربلتها والاستفادة منها في تحسين محتويات الطبعة اللاحقة .

    ولابد من الاشارة هنا إلى اننا اعتمدنا اسم " جبهة الاصلاح اليافعية " , الاسم الاساسي للجبهة الاصلاحية المعبر عن كامل تاريخها العلني والسري , والاصلاحي والثوري , وبما يتطابق مع مادة بحثنا في الكتاب .. ولم نعتمد اسم " جبهة ابناء يافع الاصلاحية " لإنه يعبر عن النشاط الاصلاحي العلني فقط , وسيكون ذلك واضحاً بما فيه الكفاية من خلال الاطلاع على شقي أو اتجاهي عمل الجبهة الاصلاحية الذين لا ينفصل أحدهما عن الآخر .

    في الأخير نأمل أن نكون وفقنا لما فيه فائدة ومنفعة المؤرخين والباحثين والمهتمين والقراء جميعاً وبما يصب في مجرى تأريخ اليمن المعاصر .. ولا يفوتنا – هنا – إن نعبر عن شكرنا للأخ محمد احمد سلمان صاحب فكرة تعاوننا في هذا العمل وكنا عبرنا عن تقديرنا له بأن طلبنا منه وضع مقدمة الكتاب .


المؤلفان

يتبع 


تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ 15 ابريل 2012 الساعة: 07:04 ص

الخميس، 19 فبراير 2015

محمد صالح مطيع

محمد صالح مطيع






الخميس 7 اكتوبر2004 العدد 1155

   آفاق

محمد صالح مطيع


فضل النقيب

    لا يزال اسم هذا الرجل يتردد كواحد من أنقى الثوار العرب الذين مارسوا العمل النضالي والسياسي بوطنية عالية وشفافية ومسؤولية في الرأي واعتدال في المواقف وابتعاد عن التآمر وبراءة من دماء الناس المعصومة التي لوثت أيد كثيرة ووصمتها بالعار إلى الأبد.

    محمد صالح مطيع هو أشهر من تولى وزارة الخارجية فيما كان يعرف سابقاً باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وكان شديد الانتباه لتعقيدات الواقع وللضغوط الأقليمية والدولية العاصفة التي أحاطت بذلك الوليد الذي أنجذب إلى موسكو وسياساتها الشيوعية ومصالحها الدولية فلم يجانس “ محيطه، كما وضع نفسه في دائرة استهداف القوة العالمية الأخرى، وكان الرهان - السؤال: هل نستطيع الخلاص من قبضة الجاذبية الحمراء، وبأي ثمن؟ وهل نستطيع التوافق مع محيطنا فنتخلص من الولاء - المأزق الذي جعلنا في وضع أشبه بوضع الكرة بين أقدام لاعبي محترفين.. وبأي ثمن؟ .

    ومن الواضح في ظل الاستقطاب الحاد بين المعسكرين العالميين وما مثلته عدن من جائزة لا تقدر بثمن للسوفييت وأساطيلهم ولإطلالتهم على بحر البترول العربي شريان الاقتصاد العالمي. أن ثمن الاستنقاذ سيكون عالياً وفي الغالب دموياً، لأن الاستخبارات السوفيتية كانت قد اخترقت بالطول وبالعرض وبالأسماء والأوزان وبالشعارات والأفكار، ولم تعد ضيفاً في الدار وإنما هي صاحبة الدار على الطريقة العربية البلهاء.

ياضيفنا لو جئتنا لوجدتنا
نحن الضيوف وانت رب المنزل

    انعكس هذا الوضع المأزوم على الداخل الحزبي والسياسي الذي أصبحت “المؤامرة” عنوانه الأبرز، واللدود في الخصومة خبزه اليومي وصناعة “الأزمات” أبرز صناعة مزدهرة بعد أن أخفقت السياسات الاقتصادية وتحول السوق إلى “عدم” والناس إلى أشباح إن ما توا من الجوع مرة فإنهم يموتون من الخوف عشر مرات.

    حاول الرئيس سالم ربيع علي بماله من وزن ونفوذ وبما عُرف عنه من مقدامية أن يخترق هذا الانغلاق السياسي المدمر وكان إلى جانبه وزير خارجيته محمد صالح مطيع مشيراً وناصحاً ورسولاً سياسياً يضع مصلحة بلاده قبل مصلحة موسكو وغيرها من العواصم ومحطات التنصت، ولم يكن الرئيس يدرك المدى الذي يمكن أن يصل إليه أولئك الذين استشعروا الخطر على بساط من الجهل والارتهان وعبادة المكاسب الشخصية. وأصبح المطلوب رأس الرئيس ووزير خارجيته في حبكة يعجز عنها أي فيلم هوليودي، حيث جرى اغتيال الرئيس احمد حسين الغشمي في مكتبه بصنعاء خلال استقباله مبعوثاً من عدن ما أن فتح حقيبته الدبلوماسية حتى انفجرت لتقتل الرجلين معاً، وجرى اتهام الرئيس سالم ربيع علي، وهو أمر غير معقول ولا مقبول وليس فيه مصلحة من أي نوع، وعقب اشتباكات مدمرة جرى إعدام الرئيس بصورة غامضة ودون محاكمة علنية.

    ولم يمر سوى وقت قصير حتى ألقي القبض على محمد صالح مطيع الذي بدا معزولاً في ذلك الجو المكفهر المتعطش للدماء، ومن ثم جرى تلفيق تهمة الخيانة الوطنية له من قبل “الرفاق” المنتصرين الذين سيتفرغون بعد مقتله للتربص ببعضهم البعض وصولاً إلى مذابح 1986م التي جرت على الهوية وكان المواطنون في نظام “الابارتيد” العنصري الذي لم يعرف مثل تلك البشاعات.

    وكما روى لي أحد المطلعين فقد كان الدليل رسالة من مسؤول في دولة مجاورة يحث فيها “مطيع” على تنفيذ النقاط التي تم الاتفاق عليها بين فخامة الرئيس سالم ربيع علي وجلالة الملك خلال زيارة الأول إلى بلد الأخير.

    ويعلق الدبلوماسي المخضرم الذي روى لي القصة بأن النقاط كانت معروفة ومعروضة وهي من مفاخر العمل الدبلوماسي في إطار العلاقات الثنائية، وقد عُرف عن سالم ربيع علي ومحمد صالح مطيع الحرص المبالغ فيه على المصالح الوطنية العليا وطهارة اليد والجيب.

    أما كيف تم تنفيذ حكم “الإعدام” القراقوشي فأمر تشمئز منه النفوس والأبدان فقد قيل لـ”مطيع” ما رأيك في القيام بجولة حول عدن، وقد صعد إلى جانب السائق الذي كان مسؤولاً أمنياً كبيراً وفي الخلف صعد احد عتاة القتلة وهو إرهابي دولي معروف، وفي الطريق أخرج الإرهابي سلكاً من جيبه وخنق بواسطته المناضل محمد صالح مطيع حتى الموت في طريقه مستفادة من عتاولة المافيا.

    ولأن التاريخ لا يمكن أن يكتبه القتلة والمتآمرون وإن فازوا فيه إلى حين فقد أخذت الحقائق تنجلي وتنكشف والأدوار تتوضح وصولاً إلى وحدة اليمن المباركة التي حملت كل ذلك الغثاء وأبقت منه ما ينفع الناس عملاً وعبرة ووضعاً للناس في مواقعهم التي يستحقونها.

    ففي الأسبوع الماضي أصدر الرئيس علي عبدالله صالح مرسوماً منح بموجبه الشهيد محمد صالح مطيع وسام ثورة 26 سبتمبر من الدرجة الأولى وبهذا القرار جرى رد الاعتبار لهذه الشخصية الوطنية البارزة ودورها في حياة الوطن والمواطنين . 

    بدأ مطيع حياته النضالية فدائياً جسوراً في مجابهة الدوريات الإنجليزية في شوارع عدن، وكانت صوره معروضة في كل نقاط التفتيش الـ”مطلوب” من الدرجة الأولى وقد ترقى في المراتب الحزبية حتى “عضو مكتب سياسي” وترقى في المناصب الحكومية عقب الاستقلال وكان “ناصعاً” من الولاءات القبلية والعائلية وصدراً مفتوحاً لكل أبناء اليمن.

    شكرا للرئيس علي عبدالله صالح على هذه اللفتة الوطنية المتجاوزة للزمن الغادر، وعسى أن يسعد القرار أهله الذين أحرق قلوبهم مقتله ثم أحرقهم بتهم الخيانة ومعاملة المكر السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله.

    وفي الأخير لا يصح غير الصحيح.


تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ 22 يناير 2011 الساعة: 07:38 ص

الشيخ احمد ابوبكر النقيب

الشيخ احمد ابوبكر النقيب 






  الاحد  21 اكتوبر 2007 العدد 5226

رجال في ذاكرة التاريخ

الشيخ احمد ابوبكر النقيب 

 نجيب محمد يابلي


    أرض سرو حمير: أفاد أخي وزميلي د. علي صالح الخلاقي في كتابه المرجعي «شيخ الموسطة - نقيب يافع - الشيخ أحمد أبوبكر النقيب حياته واستشهاده في وثائق وأشعار (1905 - 1963م) -ص 13:«يافع اسم ذو دلالتين فهو يدل على يافع المنطقة ويافع القبيلة أو القبائل وتنسب إلى يافع بن قاول بن زيد بن ناعتة بن شراحيل بن الحارث بن زيد بن يريم ذي رعين الأكبر.

    عرفت يافع قديما باسم «دهس» أو «دهسم»، ويستفاد من الهمداني في كتابه «الإكليل» و«صفة جزيرة العرب» أن أرض حمير الأصل هي سرو حمير وقلب سرو حمير هي بلاد يافع، وتعد المناطق المجاورة لها من أحلافها، كمنطقة ردفان وحالمين والضالع وغيرها، وقد عدد الهمداني كثيرا من مدنها وأوديتها وجبالها كالعر وتمر وحبة وعلة وحطيب ويهر وذو ناخب وذو ثاب وسلفة وشعب وعر ميحان وسلب والعرقة ومدور وتيم ومعظم هذه الأماكن مازالت تحمل الأسماء نفسها إلى اليوم..».


    يمضي الدكتور الخلاقي في جهده البحثي (ص16 و17) بأن يافع كانت على رأس القبائل التي استقلت عن الدولة الطاهرية عند تفككها وتحديدا في العام 942هـ نشأ نظام السلطنة في يافع، حيث نشأت في ذلك العام «السلطنة العفيفية» نسبة إلى مؤسسها محمد عبدالله بن أسعد الملقب «عفيف الدين» وهي السلطنة الأقدم، وبعد قرابة نصف قرن وتحديداً في العام 990هـ ظهرت السلطنة الأخرى «سلطنة آل هرهرة» نسبة إلى الشيخ العلامة علي بن أحمد هرهرة في الجزء المسمى «يافع بني مالك» وعاصمتها «المحجبة» وتتبعها المكاتب التالية: البعسي والموسطة والضبي والحضرمي والمفلحي، ومنذ ظهور هذه السلطنة (آل هرهرة) اقتصر نفوذ السلطنة العفيفية على الجزء المسمى «يافع بني قاصد» وحاضرتها «القارة» وتتبعها المكاتب التالية: كلد ويهر والناخبي والسعدي واليزيدي.


آل النقيب والموسطة


    آل النقيب منهم شيوخ الموسطة ونقباء يافع ويلقبون بـ «آباء يافع» وإليهم ينتمي المترجم له الشيخ الشهيد أحمد بن أبوبكر بن علي بن عسكر النقيب شيخ مشايخ الموسطة - نقيب يافع (الخلاقي-مرجع سابق -ص 64 )


    الموسطة من أقدم مشيخات يافع المستقلة ومن أكثرها نفوذاً وتأثيراً في يافع وهي أحد مكاتب يافع بني مالك (يافع العليا) وتنقسم الموسطة كما ورد في كتاب حمزة علي لقمان «تاريخ القبائل اليمنية» (ص 208-206) إلى الأرباع التالية:

الربع الأول: يتكون من الخلاقي والعلسي والريوي والقعيطي.

الربع الثاني: يتكون من السعيدي والمسعدي والجرادي واليسلمي.

الربع الثالث: يتكون من الرشيدي والحوثري والعروي.

الربع الرابع: يتكون من العيسائي والحنشي والفلاحي والنجدي والقدحي.


الميلاد والنشأة


    الشيخ أحمد أبوبكر النقيب من مواليد عام 1323هـ/ 1905م في قرية «القدمة» حاضرة مشيخة الموسطة وكان ترتيبه الرابع بين أخوته الذكور وهم: حسين، محمد، محسن، أحمد، صلاح، قاسم وله ثلاث شقيقات.


    تلقى الشيخ أحمد تعليمه في سن طفولته الأولى في كتاب القرية (المعلامة) على يد العلامة الشيخ حسين علي بن علي عسكر النقيب، الذي تلقى تعليمه في حضرموت ثم في الجامع الأزهر في مصر وتمكن الشيخ النقيب من حفظ القرآن الكريم وأتقن مبادئ القراءة والكتابة والتصق بوالده وأخذ عنه حنكته وتجاربه ومخالطته الناس ومعرفة أحوالهم ومنذ يفاعته كان يساعد والده، بل وينوبه في الإصلاح بين الناس من أفراد قبيلة الموسطة ولمع اسمه في الوسط الاجتماعي (الخلاقي - مرجع سابق - ص 52، 53).


الشيخ النقيب يقطع البحار وموعد مع القرار


     في العام 1928م ومع بلوغ ربيعه الثالث والعشرين أكمل الشيخ أحمد أبوبكر النقيب نصف دينه من أم أولاده الثمانية وشريكته في السراء والضراء، وبعد سبع سنوات عزم الشاب أحمد أبوبكر النقيب مع عدد من أقرانه من أبناء قريته «القدمة» على السفر بحراً إلى إندونيسيا واستقلوا سقينة شراعية (زعيمة) في مغامرة غير محسوبة وكان هناك بعض الأقارب في استقبالهم، وبعد مضي عامين من إقامته في إندونيسيا قرر الشاب النقيب العودة إلى أرض الوطن وقد خاب ظنه في بعض اليمنيين الذين كانوا يمارسون تجارة الربا خارج المدن الإندونيسية واكتفى بدخله المتواضع الذي كتبه له رازقه، سبحانه وتعالى.


    في العام 1356هـ/ 1957م عاد الشاب أحمد أبوبكر النقيب إلى مسقط رأسه واستقبله أهله وخلانه، وكان والده الشيخ أبوبكر النقيب أكثرهم ابتهاجا بوصول قرة عينه أحمد، الأقرب الى قلبه لما تميز به من فطنة ودراية في قضايا الشريعة الإسلامية السمحاء والأعراف والتقاليد القبلية.


    كان والده قد أصيب في ساقه أثناء مواجهاته مع الإنجليز في الشعيب وقد لازم فراش المرض مطمئناً لوصول ولده الذي سيغطي الفراغ الذي سيتركه بعد وفاته، وقد رست قناعة آل النقيب على اختيار أحمد أبوبكر خلفاً للشيخ الراحل أبوبكر بن علي عسكر النقيب وذلك لتوفر الشروط الستة لملء هذا المركز الرفيع.


الشيخ النقيب صاحب القرارات الصعبة


    مثلث مدينة البيضاء قاعدة إسناد ودعم للثوار المناهضين للاستعمار ومخططاته في يافع وغيرها من المناطق الحدودية المجاورة. وصل وفد الجامعة العربية برئاسة أمينها العام الأستاذ عبدالخالق حسونة رحمه الله عام 1957م بطلب من الإمام أحمد لتقصي الحقائق في مناطق الجنوب وكان السلطان الثائر محمد بن عيدروس قد وصل إلى البيضاء مع مجموعة من سلاطين ومشايخ الجنوب (الخلاقي - مرجع سابق - ص 83).


    كان النقيب صالح بن ناجي الرويشان، عامل الإمام في البيضاء قد أعد مسودة إقرار «بأننا جزء لا يتجزأ من اليمن» وكان الجميع قد وقع على ذلك الإقرار. جاء الشيخ النقيب متأخراً فعرض النقيب الرويشان الإقرار عليه للتوقيع، إلا أنه رفض فاستغرب الرويشان الذي كان على علم بالعلاقة الطيبة التي كان تربط النقيب بالإمام وطلب منه تفسيراً وجاء الرد الحصيف الذي لا يتصوره أحد : « إننا كسلاطين ومشايخ نعد بعدد أصابع اليد ولا نملك تخويلاً من شعب الجنوب بمثل هذا التصرف وعند رحيل الاستعمار سيقول الشعب قراره في استفتاء عام » .


ماذا قال وزراء الإمام للشيخ النقيب؟


    حل الشيخ أحمد النقيب ضيفا على الإمام أحمد في قصره في حمام السخنة خارج الحديدة وتحدد له موعد مع جلالة الإمام، الذي تعمد تأخير اللقاء 16 يوماً وفي اليوم المحدد اختير له موقع في مواجهة الباب وضوء الشمس وبعد دخول الإمام وجلوسه على أريكته، التفت نحو النقيب وخاطبه : « هيا مه يا نقيب شمس؟ رد النقيب : « نعم يا مولانا شمس» . قال الإمام : « تفضل اقرب هانا »! وسأله الإمام بعد ذلك : « ما يقولون أهل الجنوب يانقيب ؟» قال النقيب : « أهل الجنوب يقولون متى ما تحسن اليمن فنحن من اليمن وإلى اليمن ». طفحت علامات الغضب والامتعاض على وجه الإمام وتريث قليلا ثم انفجر قائلاً : « سيتحسن اليمن رغم أنف الاستعمار ». قال النقيب : « بفضل الله وبفضل مولانا الإمام سيتحسن وضع اليمن بإذن الله ». غادر الإمام الديوان بعد دقائق منهياً بقاءه في الديوان الذي لم يستمر أكثر من 20 دقيقة. قام الوزراء والحاضرون وأخذوا يصافحون النقيب وقالوا له : « نهنئك ياشيخ على هذه الشجاعة، لأن لو أحدنا تفوه بمثل هذا الكلام لا يمكن له أن يعيش أكثر من ساعة واحدة ولم نر أحداً من أبناء الجنوب يقول للإمام مثلما قلت أنت ».  رد عليهم النقيب : « أنا لم أقل إلا الصحيح ولا أستحق التهنئة » (الخلاقي- مرجع سابق- ص 84 و85).


موقف الشيخ النقيب من الإنجليز في شهادة الشيخ علي العيسائي


    في زيارة عملية، لعلها الأخيرة إلى تعز أراد الشيخ أحمد أبوبكر النقيب حسم أمره مع البريطانيين على الرغم من صعوبة موقفه مع الإمام أحمد الذي قطع عنه الدعم بعث السلطان فضل بن علي، سلطان لحج وزير الدفاع الاتحادي باقتراح إلى الشيخ النقيب بالنزول إلى عدن، حيث عرض السلطان عليه الوساطة بينه وبين البريطانين.

    لم يمانع الشيخ النقيب في مسألة الوساطة شريطة نزوله أولاً إلى يافع ليتشاور مع مشايخ وأعيان الموسطة في الأمر، الذين فوضوا بدورهم الشيخ عبدالحافط بن حسين محسن بن شيهون لإبداء وجهة نظرهم نيابة عنهم باعتباره الأكبر سنا والذي تمنى على الشيخ النقيب النزول إلى عدن ليتصالح مع البريطانيين ومعالجة أمور الخلاف معهم باللين تارة والشد تارة أخرى.

    عند مرور الشيخ النقيب بالقرين بعد اجتيازه حالمين وهو في طريقه إلى الضالع، أرسل الضابط السياسي البريطاني شخصاً يدعى البعسي، ضابط عولقي في جيش الليوي لاستدعاء الشيخ النقيب، فسأله عن صديقه محمد عيدروس وأساء إليه بصفة نابية (سارق) فرد عليه الشيخ : وماذا سرق محمد بن عيدروس؟ رد الضابط السياسي : سرق مالية أبين، فرد عليه الشيخ : من يسرق حقه ليس سارقاً، وقد توقعت أن تقول إنه سرق مالية بريطانيا من لندن.

    احتد النقاش بينهما ومضى الشيخ في طريقه إلى لحج ورافق السلطان فضل بن علي إلى عدن للقاء المعتمد السياسي البريطاني، الذي سأل الشيخ : يا نقيب، هل عادك ناوي تحارب الحكومة؟ رد النقيب بالإيجاب « لأنكم تتخلون عن معاهدة الحماية وتريدون استعمارنا واستعبادنا ولن نرضى بذلك ».

    هنا ذكر المسؤول البريطاني الشيخ النقيب بأنه علي ما يبدو متأثر بإذاعة «صوت العرب» المصرية ونسي الشيخ - على حد زعم ذلك المسؤول - بأن الإنجليز - ولعلم الشيخ - سيدوسون نخاع عبدالناصر، فرد الشيخ الصاع صاعين، فتدخل المترجم بأن استفزاز الشيخ أوصل اللقاء إلى هذه النقطة الحرجة، فانصرف الشيخ من مقر الإدارة البريطانية برفقة سلطان لحج.

    أدلى الشيخ الفاضل رجل الأعمال البارز على عبدالله العيسائي بشهادته للتاريخ عن الشيخ الشهيد أحمد أبوبكر النقيب وقال إنه استضافه في بيته عند نزوله الأخير إلى عدن وقال : «إن الشيخ ظل طيلة تواجده في عدن لمدة ستة أشهر على مواقفه العدائية من الإنجليز ولم يستجب لأي من شروطهم وكان حراً أبياً، ولولا توقف الدعم الذي كان يتلقاه من الحكم في صنعاء في عهد الإمام أحمد لما غير خطته، ومعروف أنه بعد علاجه من إصاباته في مستشفى صنعاء، انقطع عنه الدعم فاضطر لبيع سلاحه الشخصي، ثم نزل إلى عدن عن طريق يافع وكان ينزل ضيفا عندي، وكان ضد بريطانيا قلباً وقالبا وصحيح أنه حصل على بعض المبالغ غير المشروطة وعاد إلى يافع، ولكن الإنجليز كانوا يكنون له العداء، حتى أن والي عدن في كتاب له يعترف أنه قضى على النقيب ويصفه بالمتمرد » (الخلاقي - مرجع سابق - ص 118 و119 و120 و120).


الشيخ النقيب يسقط برصاص ضيوفه في البيت


    قدم المناضل محمد صالح المصلي شهادته للتاريخ عن الشهيد الشيخ أحمد أبوبكر النقيب ورد فيها : « حين قامت ثورة سبتمبر كنت في الشمال وعند عودتي إلى يافع بدأ التواصل بيني وبين الشيخ أحمد، الذي لا شك أن نزوله إلى عدن قد أساء إليه وأراد ان يصحح مواقفه، وقد بعث لي برسالة بواسطة محمد حسين صالح الرشيدي ومحمد صالح عثمان الحريبي يطلب فيها استعادة النشاط…». وتحدث المصلي عن تفاصيل رسالة الشيخ النقيب المرسلة إليه ورد عليها والتي حملها أحمد هيثم حنش وما حكاه رجل من قرية «الديوان» جاء من نايحة قرية «صانب» والذي صرخ : يا مصلي.. يا مصلي الشيخ أحمد النقيب قتل. قلت له ومن قتله؟ قال : أولاد عمه. حمل المصلي بندقيته وطلع إلى الحيد ووصل الخبر بأن القتلة هم آل البعالي. (الخلاقي - مرجع سابق - ص 123 و124).

ورد في صحيفة «صوت الجنوب» في عددها الصادر في 20 يناير 1963م ما يلي : « أفادت الأخبار الواردة من يافع العليا أن الشيخ أحمد أبوبكر النقيب الأول لمشيخة الموسطة قد قتل يوم الخميس 10يناير 1963م على يد أحمد عسكر وأربعة آخرين من أهل عياش، كما أن ولده سيف أحمد وشخصاً آخر من أصدقائه قد قتلا أيضاً »، وأضافت «صوت الجنوب» : «وكان الشيخ أحمد أبوبكر يستضيف أحمد عسكر وأصحابه في داره لمدة يومين ولكنهم غدروا به وقتلوه، وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ أحمد أبوبكر النقيب أحد رجال يافع العليا البارزين وهو معروف بشجاعته وقوة شكيمته وبمقتله فقدت يافع أحد رجالها البارزين ». واقتصت «الموسطة» من الضالعين في الجريمة الخسيسة سواء المخططون أو المنفذون لها فرداً فرداً استناداً للقاعدة القرآنية { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون } (البقرة: 179).


الشيخ عبدالرب النقيب خير خلف لخير سلف


    ترك الشيخ أحمد أبوبكر النقيب وراءه إرثاً نضالياً واجتماعياً كبيراً ودائرة واسعة من المحبين وأحد عشر ولدا الذكور منهم ثمانية هم :
1) عيدروس من مواليد 1929 نصبه مشايخ وأعيان الموسطة شيخاً خلفاً لوالده وهو مقيم حالياً في دولة الإمارات العربية المتحدة.
2) سيف من مواليد 1933 استشهد مع والده.
3) فيصل من مواليد 1934.
4) عبدالرحمن من مواليد 1940.
5) عبدالرب من مواليد 1941 يشغل حالياً باقتدار موقع والده وشقيقه الأكبر كشيخ للموسطة ونقيب ليافع ويعد من الشخصيات الاجتماعية البارزة التي تحظى بتقدير واحترام كبيرين في يافع عامة.
6) محسن من مواليد 1943م.
7) فضل من مواليد 1944م .
8)علي من مواليد 1948م.

                                                                               

الشيخ النقيب شاعر ينعاه الشعراء


    الشيخ الشهيد أحمد أبوبكر النقيب شاعر مجيد ومن قصائده: «نداء الإصلاح» و«دجاج الحفش» و«ملعون من باع أرضه بالذهب» و«بأرض الشرق فتنة» و«سابق من سبق» و«قفا صوت العرب» و«شرع القبايل» وغيرها من القصائد ورثاه عدد كبير من شعراء يافع وفي مقدمتهم شايف محمد الخالدي وعلي عبدالعزيز المشوشي ومحمد عبدالرب العروي والشيخ عيدروس أحمد النقيب وغيرهم.

تم نشرها من قبل في مدونة مكتوب / الياهو بتاريخ 22 يناير 2011 الساعة: 05:22 ص